للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤٢- حديث "مَنْ أجوَدُ جُوداً" i.

قال الطيبي ii: "مَنْ" الاستفهامية مبتدأ. و"أجود" خبره، و"جودا" تمييز مزال عن الأصل. وفيه وجهان: أحدهما: أن "أجود" أفْعَل من الجودة، أي أحسن جودا وأبلغه. والثاني: أنه من الجود الكرم، أي من الذي جوده أجود، فيكون إسنادا مجازياً، كما في قولك: جِدْ جدَةً.

وقوله: "الله أجودُ جوداً ثم أنا أجود بني آدم، وأجوده من بعدي رجل علم عِلْماً فنشره" الضمير في "أجوده" راجع إلى بني آدم، على تأويل الإنسان أو للجود.

١٤٣- حديث أُحد، قوله "لا تشرفْ يُصيبُكَ سَهم" iii.

قال الزركشي: "كذا لهم بالرفع، وهو الصواب. وعند الأصيلي "يُصبْكَ" بالجزم، وخطّؤوه، وهو قلب للمعنى إذ لا يستقيم أن تقول: إن لا تشرف يصبك، ولكن جوّزه الكوفيون"iv

قوله (تَنْقُزان القِرَب) .

بضم القاف. قال القاضي عياض: "ضبطه الشيوخ، بنصب الباء، وفيه بُعد، إلا على تقدير نزع الخافض أي بالقرب. وقيل صوابه بالرفع على الابتداء، كأنه قال: والقِرَبُ على متونهما. وروي "تُنْقِزان" بضم التاء وكسر القاف، ويستقيم على هذا نصب "القِرَب" أي إنهما لسرعتهما في السيّر تتحرك القرب على ظهورهما وتضطرب"v.


i الحديث عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل تدرون من أجود جودا..) مشكاة المصابيح: كتاب العلم برقم ٢٥٩ قال الشيخ الألباني في حاشيته ١/٨٦ قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/١٦٦ وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك الحديث.
ii شرح مشكاة المصابيح للطيبي- مخطوط ج- ١ ورقة ١٨٦.
iii عن أنس "لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فأشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يانبي الله، بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقِهما تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم ... ".
البخاري: كتاب مناقب الأنصار ٧/١٢٨، كتاب المغازي ٧/٣٦١.
وقال عياض: "قيل معنى تنقزان تثبان. والنقز: الوثب والقفز، كناية عن سرعة السير". البخاري- كتاب الجهاد ٦/٧٩
iv قال ابن مالك في الألفية:
وشرط جزم بعد نهي أن تضع
"إن" قبل "لا" دون تخالف يقع
قال المرادي: "يعني إن شرط جزم الجواب بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي مقامه ... هذا مذهب الجمهور. وأجاز الكسائي جزم جواب النهي مطلقا، ولا يشترط تقدير "إن" قبل "لا" ... وقد نسب ذلك إلى الكوفيين. واستدل الكسائي بالقياس على النصب ... وبالسماع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فلا يقربن مسجدنا يؤذنا بريح الثوم " وقوله عليه السلام: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" وقول أبي طلحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشرف يصبك سهم". توضيح المقاصد ٤/٢١٣-٢١٤ وانظر الأشموني والصبان ٣/٣١١. أمالي السهيلي ٨٥، ١١٨.
v مشارق الأنوار ٢/ ٢٤.