للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أخرج عن ابن شهاب أن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، قال خرجت مع أبي وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري عام أدرج - هكذا- فوقع الوجع بالشام فأقمنا بالسرغ خمسين ليلة ودخل علينا رمضان فصام المسور وعبد الرحمن بن الأسود وأفطر سعد بن أبي وقاص وأبى أن يصوم، فقلت لسعد يا أبا إسحاق أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت بدراً والمسور يصوم وعبد الرحمن وأنت تفطر، قال سعد: إني أنا أفقه منهم ١.

المختار: الواقع أن مجال الاختيار هنا صعب وخصوصاً بين رأي الجمهور الذي يحدد المدة بأربعة أيام وبين اختيار مجد الدين بن تيمية صاحب منتقى الأخبار، بتحديد المدة بعشرة أيام أو أحد عشر.

وعنصر الصعوبة في أن رأي الجمهور يستند إلى دليل فيه عنصر القصد لكنه بعيد عن مجال موضع النزاع وإن كان فيه رابط يربط بين الأمرين وهو أن كلا الأمرين وارد في السفر. وكلا الأمرين يتعلق بالإقامة.

أما بالنسبة لدليل ابن تيمية، فهو وارد في السفر وفي الصوم الواجب وفي الإقامة الطارئة أثناء السفر لكن ليس فيه عنصر القصد إلى التحديد وإن كان هو أقرب الأمرين إلى السنة. لذا كان هو المختار. إلا أني أرى أن الأحوط هو تبييت نية الصوم لمن أجمع إقامة أربعة أيام.

من نوى الصيام في السفر هل يباح له الفطر أثناء النهار؟

وبمعنى آخر من ترك العمل برخصة الفطر وعزم على الصيام من طلوع الفجر فهل يباح له نقض هذه النية والإفطار في بعض أجزاء النهار:

لبيان ذلك نقول:

إذا أخذ المسلم بالعزيمة وصام من بداية سفره أو من بعض مراحل الطريق ثم بدا له في يوم ما وهو صائم أن يفطر في أثناء النهار، فقد أجاز له الشافعي وأحمد الإفطار بلا أدنى حرج عليه. وعليه أن يقضي هذا اليوم بيوم آخر بعد انتهاء السفر٢ وذلك أخذاً بحديث ابن عباس المتقدم "سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء فيه شراب فشربه نهاراً ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة".


١-السنن الكبرى جـ٣ ص١٥٢، السرغ بوادي تبوك.
٢ المغني ص ١١٨، والمجموع جـ ٦ ص ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>