فمن ذلك قولُ بعض العرب: ليس خَلَقَ اللهُ مثلَه. فلولا أنّ فيه إضماراً لم يجز أن تَذْكُرَ الفعلَ ولم تُعْمِله في اسم، ولكن فيه الإضمار مثلُ ما في إنَّهُ.
وسوف نبيَّنُ حالَ هذا في الإضمارِ وكيف هو إن شاء الله. قال الشاعر، وهو حُمَيْدٌ الأرْقَطُ:
فأصْبَحُوا والنَّوىَ عالي مُعَرَّسِهِمْ ... وليسَ كلَّ النَّوَى تُلْقِى المسَاكينُ
فلو كان كلّ على ليس ولا إضمارَ فيه لم يكن إلا الرفعُ في كل، ولكنه انتصَب على تُلْقى. ولا يجوز أن تَحملَ المساكين على ليس وقد قدَّمت فجعلتَ الذي يعْمَلُ فيه الفعلُ الآخِرُ يَلِى الأوّلَ، وهذا لا يَحْسُن. لو قلتَ كانتْ زيداً الحُمىَّ تَأْخُذُ أو تَأخذ الحُمَّى لم يجز، وكان قبيحاً.