للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

- فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الوَاجِبَاتِ عُمُومًا لَا تَلْزَمُ إِلَّا بِالعِلْمِ؛ لِقَولِ اللهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإِسْرَاء: ١٥]، وَلَكِنْ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُقَصِّرًا فَهُوَ مُحَاسَبٌ بِهَا، كَمَنْ عِنْدَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ مِنَ العُلَمَاءِ وَلَكِنْ لَا يَحْرِصُ عَلَى سُؤَالِهِم مَعَ عِلْمِهِ بِجَهْلِ نَفْسِهِ وَحَاجَتِهِ لِلْعِلْمِ!

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا في سَفَرٍ؛ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ في رَاسِهِ

ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا:

مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى المَاءِ! فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ؛ قَتَلَهُمُ اللهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟! فَإِنَّمَا شِفَاءُ

العِيِّ السُّؤَالُ» (١).

قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ: " وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ؛ وَهِيَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّ المَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ مُبَكِّرَةً لَزِمَهَا الصِّيَامُ! وَيَظُنُّونَ أَنَّ المَرْأَةَ لَا يَلْزَمُهَا الصِّيَامُ إِلَّا إِذَا تَمَّ لَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً! وَهِيَ قَدْ حَاضَتْ وَلَهَا إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً مَثَلًا؛ فَلَهَا خَمْسُ سِنِينَ لَمْ تَصُمْ! فَهَلْ نُلْزِمُهَا بِالقَضَاءِ؟

الجَوَابُ: لَا نُلْزِمُهَا بِالقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ جَاهِلَةٌ وَلَمْ تُقَصِّرْ، لَأَنَّهُ لَيسَ عِنْدَهاَ مَنْ تَسْأَلُهُ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَهَا يَقُولُونَ لَهَا: أَنْتِ صَغِيرَةٌ؛ لَيسَ عَلَيكِ شَيءٌ! وَكَذَلِكَ لَو


(١) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٣٦) عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٤٣٦٢).

<<  <   >  >>