للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

- المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا هِيَ التَّورِيَةُ؟ وَمَا حُكْمُهَا؟

الجَوَابُ: التَّورِيَةُ وَالتَّعْرِيضُ هُمَا: أَنْ تُطْلِقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَتُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ؛ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِه، وَهِيَ كَذِبٌ فِي ظَاهِرِ الكَلَامِ ولَيسَتْ بِكَذِبٍ فِي حَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَقْصِدُ بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا.

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " قَالَ العُلَمَاءُ: فَإِنْ دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى خِدَاعِ المُخَاطَبِ أَوْ حَاجَةٌ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهَا إِلَّا بِالكَذِبِ؛ فَلَا بَاسَ بِالتَّعْرِيضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَيسَ بِحَرَامٍ؛ إِلَّا أَنْ يُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى أَخْذِ بَاطِلٍ أَوْ دَفْعِ حَقٍّ؛ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ حَرَامًا، هَذَا ضَابِطُ البَابِ" (١).

وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أُمُورٌ:

١ - أَنْ لَا يُقْسِمَ عَلَيهَا، لِحَدِيثِ «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيهِ صَاحِبُكَ» (٢)، وَلَكِنْ إِلَّا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ ضَرُورَةٌ.

كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ؛ قَالَ: خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ-، فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، وَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي؛ فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ تَحَرَّجُوا أَنْ يَحْلِفُوا، وَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي، قَالَ: «صَدَقْتَ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» (٣).

٢ - أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا ظُلْمٌ.


(١) الأَذْكَارُ (ص: ٣٨٠).
(٢) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٦٥٣) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
(٣) صَحِيحٌ. أَبُو دَاود (٣٢٥٦). صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٧٥٨).

<<  <   >  >>