للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَسَأَلْتُم عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ عَلَيكُمُ القُرْآنُ فَتَسْأَلُونَ عَنْ آيَةٍ أَشْكَلَتْ أَو حُكْمٍ خَفِيَ وَجْهُهُ عَلَيكُم فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ نُزُولُ الوَحْي مِنَ السَّمَاءِ {تُبْدَ لَكُم} أَي: تُبيَّنُ لَكُم وَتَظْهَرُ؛ وَإِلَّا فَاسْكُتُوا عَمَّا سَكَتَ اللهُ عَنْهُ.

{عَفَا اللهُ عَنْهَا} أَي: سَكَتَ مُعَافِيًا لِعِبَادِهِ مِنْهَا، فَكُلُّ مَا سَكَتَ اللهُ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا أَبَاحَهُ وَعَفَا عَنْهُ {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.

وَهَذِهِ المَسَائِلُ الَّتِي نُهِيتُم عَنْهَا {قَدْ سَأَلَهَا قَومٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} أَي: جِنْسَهَا وَشَبَهَهَا -سُؤَالَ تَعَنُّتٍ لَا اسْتِرْشَادٍ (١) -؛ فَلَمَّا بُيِّنَتْ لَهُم وَجَاءَتْهُم {أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَا نَهَيتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فاتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» " (٢).

قُلْتُ: وَفِي الحَدِيثِ الَّذِي فِي البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: " سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ». قَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ»، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَولَى شَيبَةَ». فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" (٣).


(١) وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ (٧٢٩٣) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ، وَفِيهِ أَيضًا (٧٢٩٦) عَنْهُ مَرْفُوعًا «لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ؛ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟».
(٢) تَفْسِيرُ السَّعْدِي (ص: ٢٤٥).
(٣) البُخَارِيُّ (٩٢).

<<  <   >  >>