للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسَّخْط، والمَقْت، والأَسَف.

وَهِيَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ صِفَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَلَا تُشْبِهُ مَا يَتَّصِفُ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا مَا يَلْزَمُ فِي الْمَخْلُوقِ.

فَلَا حُجَّةَ لِلْأَشَاعِرَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ عَلَى نَفْيِهَا، وَلَكِنَّهُمْ ظنُّوا أَنَّ اتِّصَافَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا هِيَ فِي الْمَخْلُوقِ، وَهَذَا الظنُّ الَّذِي ظَنُّوهُ فِي رَبِّهِمْ أَرْدَاهُمْ فَأَوْقَعَهُمْ فِي حَمْأَةِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ.

وَالْأَشَاعِرَةُ يُرْجعون هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا إِلَى الْإِرَادَةِ؛ كَمَا عَلِمْتَ سَابِقًا، فَالرِّضَا عِنْدَهُمْ إِرَادَةُ الثَّوَابِ، وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ.. إِلَخْ إِرَادَةُ الْعِقَابِ.

وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ؛ فَيُرْجِعُونَهَا إِلَى نَفْسِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} إخبارٌ عمَّا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَائِهِ مِنْ تَبَادُلِ الرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ.

أَمَّا رِضَاهُ عَنْهُمْ؛ فَهُوَ أَعْظَمُ وأجلُّ مِنْ كُلِّ مَا أُعطوا مِنَ النَّعِيمِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:

{وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (١) .

وَأَمَّا رِضَاهُمْ عَنْهُ؛ فَهُوَ رِضَا كُلٍّ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَتِهِ مَهْمَا كَانَ، وَسُرُورُهُ بِهَا؛ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أحدٌ خَيْرًا ممَّا أُوتي، وَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} الْآيَةَ؛ فَقَدِ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ:


(١) التوبة: (٧٢) .

<<  <   >  >>