للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحادث امتنع وجود شيء من العالم في الأزل إذ وجوده في الأزل ممتنع بدون الحادث وممتنع مع الحادث.

ولا يمكن أن يقال القول في حوادثه المتعاقبة عليه كحركات الفلك كالقول في كلمات الرب المتوالية وأفعاله المتوالية لأن الرب هو الموجود بنفسه الواجب الوجود بنفسه الغني بنفسه القيوم بنفسه فلا يتوقف قوله وفعله على غيره ولا يمتنع أن يكون فعله الثاني أو كلامه الثاني مشروطا بوجود الأول قبله إذ ما يكون بذاته حادثا شيئا بعد شيء يمتنع وجوده كله في الأزل وأما ما سواه فهو مفعول مصنوع مفتقر من كل وجه إلى غيره فإذا كانت الحوادث تقارنه شيئا بعد شيء امتنع أن تصدر عن مؤثر تام أزلي وامتنع أن يكون المؤثر التام الأزلي يحدث شيئا بعد شيء بل يجب أن يقارنه أثره وامتنع أن يكون المؤثر التام الأزلي موجبا لذاته في الأزل ومقتضيا لحوادثه شيئا بعد شيء لأن حدوث الحوادث المتوالية عن مؤثر تام باق على حالة واحدة وحينئذ فيجوز ترجيح القادر المختار بلا مرجح فتبطل حجتهم.

وإن كانت تحدث الحوادث بحدوث أمور منه بحيث تكون ذاته مؤثرا تاما لذات الفلك في الأزل وأفعاله المتوالية موجبة لحوادثه المتوالية فهو لم يكن قط إلا مقارنا لأفعال متوالية قائمة به وحدوث مفعول بلا فعل ممتنع وقدم فعل معين ممتنع لأن الفعل لذاته يقتضي أن يكون شيئا بعد شيء ولا يعقل قدم عين الفعل.

وهذا دليل مستقل على حدوث كل ما سوى الله فإن المفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>