في الجواب: التسلسل في الآثار إن كان ممكنا بطلت هذه الحجة لأن مبناها على امتناع التسلسل في الآثار يرد عليه أن مبناها على امتناع التسلسل في أصل التأثير وجنسه والممكن إنما هو التسلسل في جنس الآثار وأعيان التأثيرات لا في جنس التأثير فإن الفرق بين التسلسل في الآثار والتسلسل في التأثير ثابت كما سبق والممتنع التسلسل في التأثير أي في جنسه فهذا السؤال هو الوارد على هذا الجواب.
وجواب هذا الإيراد أن يقال: إذا كان التسلسل في الآثار ممكنا وفي أعيان التأثيرات أمكن أن تكون هذه الأفلاك حادثة مخلوقة من شيء آخر قبلها كما أخبرت بذلك الرسل فإنهم أخبروا أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكان عرشه على الماء وأخبروا أنه: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}(سورة فصلت ١١) والدخان فيما ذكره المفسرون: هو البخار وهو بخار ذلك الماء فقد أخبروا أنها مخلوقة من مادة كانت موجودة قبلها وتلك المادة يمكن أن تكون مخلوقة من مادة كانت كما خلق الله الإنسان من مادة وخلق المادة من مادة.
وإذا كان كذلك كان ما جوزوه في الآثار مبطلا لحجتهم على قدم هذا العالم وهذا هو المطلوب فإنهم إنما احتجوا على قدمه بكون المؤثر التام لا بد أن يكون ثابتا في الأزل فإنه لو لم يكن مؤثرا ثم صار