للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجود مخلوق قبل أن يوجد مخلوق أصلا فيه جمع بين النقيضين بخلاف ما إذا قيل إنه لا يخلق مخلوقا معينا حتى يخلق مخلوقا معينا فإن هذا ليس بممتنع كما انه لا يخلق المولود من غيره حتى يخلق الوالد.

إذا تبين هذا فحجة الفلاسفة الدهرية في قدم العالم مبنية على مقدمتين إحداهما امتناع الترجيح بلا مرجح والثانية امتناع التسلسل في أصل التأثير لا في تأثير معين فإنهم قالوا المؤثر التام إن كان في الأزل لزم قدم الأثر فإنه لو حدث بعد ذلك لزم الترجيح بلا مرجح وإن لم يكن المؤثر التام في الأزل امتنع أن يحدث عنه شيء لأن ذلك الحادث يمتنع أن يحدث بدون سبب حادث لما فيه من الترجيح بلا مرجح ويمتنع حدوث سبب حادث لأن القول في حدوث ذلك السبب الذي هو الشرط كالقول في حدوث المشروط به إذ التقدير أنه لم يكن في الأزل مؤثر تام فلا بد من حدوث تمام أصل التأثير وجنسه بحيث يصير المؤثر مؤثرا بعد أن لم يكن مؤثرا بحال.

وهذا ممتنع لذاته كما تقدم لأن حدوث كونه مؤثرا لا بد له من مؤثر ولا مؤثر إلا هو فيلزم أن يكون مؤثرا قبل أن يكون مؤثرا بحال وهو جمع بين النقيضين.

وأيضا فإذا لم يكن مؤثرا تاما ثم إنه جعل نفسه مؤثرا تاما لزم الترجيح بلا مرجح فإن امتناع جعل نفسه مؤثرا بعد أن لم يكن مع تساوي الحالين أبلغ في الامتناع من إحداث أثر منفصل عنه بعد أن لم يكن مع تساوي الحالين.

<<  <  ج: ص:  >  >>