للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في رده على أهل المدينة حين رأوا أن القهقهة في الصلاة تبطل الصلاة ولا تنقض الوضوء: لولا ما جاء من الآثار كان القياس على ما قال أهل المدينة، ولكن لا قياس مع أثر، وليس ينبغي إلا أن ينقاد للآثار١.

٨٧٤- وكان الإمام محمد يرى أن من سبقه الحديث بغير قصده وهو في الصلاة ينصرف فيتوضأ ويبني على صلاته، وأخذ في ذلك بالأثر الذي روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "من قاء أو رعف أو أمذى في صلاته، فلينصرف وليتوضأ، وليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم". وقد روى عن أبي بكر وعمر وعلي ابن مسعودوابن عباس أنهم بنوا على الصلاة بعد الوضوء دون الاستقبال.

٨٧٥- وأخذ الإمام محمد على مالك أنه كان يقول بذلك أولًا ثم رجع إلى أن عليه أن يستقبل الصلاة؛ لأن رجوعه هذا رجوع من الآثار إلى القياس٢.

٨٧٦- ووجه القياس هنا أن الطهارة -كما تكون شرطًا لابتداء الصلاة تكون كذلك لبقائها، "فكما لا يتحقق شروعه في الصلاة بدون هذا الشرط" فكذلك بقاؤها٣.

٨٧٧- وهذا يجعلنا نرى -كما يقول بعض الباحثين: أن "هذا يدل على أن الإمام محمدًا ما كان ينظر إلى القياس إذا صح الأثر لديه مهما يكن الأصل المقيس عليه، والعلة الجامعة بين الأصل والفرع"٤.

٨٧٨- والحق، كذلك، أنه يبدو أن مدرسة الأحناف بأئمتها الثلاثة كانت تستخدم القياس في هذا الباب ولكن -مثل استخدام المقاييس الأخرى


١ الحجة ص ٢٦٦.
٢ المبسوط حـ١ ص ١٦٩.
٣ الإمام محمد ص ٢٦٧.
٤ المصدر السابق ص ٢٦٧.

<<  <   >  >>