للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٧٩- ولنتناول مثالًا آخر من الأمثلة التي رفضها الأحناف تطبيقًا للمقياس الثاني وهو ترك الصحابة العمل بالحديث مما يدل على أنه غير صحيح وهو حديث "وجوب الزكاة في أموال اليتامى".

٧٨٠- يقول الإمام الشافعي راويًا هذا الحديث: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريح عن يوسف بن ماهك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ابتغوا في مال اليتيم أو في أموال اليتامى حتى لا تذهبها أو لا تستهلكها الصدقة"١ وقال الشافعي: إن هذا إسناد منقطع٢.

وأخرج الترمذي عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: "من ولي يتيمًا له مال فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة".

وقال الترمذي بعد روايته هذا الحديث: إنما يروي هذا الحديث من هذا الوجه وفي إسناده مقال: لأن المثنى يضعف في الحديث.

٧٨١- وقد ترك الأحناف هذا الحديث لأنه روي أن بعض الصحابة اختلفوا في الموضوع، ولم يحاجوا بالحديث، تركوه مع أن الحديث الذي رواه الشافعي يصلح حجة عندهم، لأنه من مراسيل أهل القرون الثلاثة الذين يحتجون بمراسيلهم.

٧٨٢- أما الإمام الشافعي فقد أيد هذا الحديث المنقطع بما رواه من الآثار الموقوفة وتدل على أن بعض الصحابة أخذ بذلك ونحن نعلم أن من أسباب كون المرسل حجة عند الشافعي أن يوافقه ما يروي عن بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوالهم ومن الموقوفات عليهم.

روى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال: كانت عائشة تليني وأخالي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة.


١ الأم جـ٢ ص٢٣ - ٢٤ وفي ص٢٥ يتبين أن الشك من الشافعي.
٢ المصدر السابق حـ٢ ص٢٥.

<<  <   >  >>