للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا" ثم صح من فتواه أنه يطهر بالغسل ثلاثًا١.

٧٥٤- وشبيه بهذا أن يعمل بعض الأئمة من الصحابة بخلاف الحديث وهو ممن يعلم أنه لا يخفى عليه مثل ذلك الحديث، فيخرج الحديث به من أن يكون حجة، لأنه لما انطقع توهم أنه لم يبلغه، كما لا يظن به مخافة حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء رواه هو أو غيره، فأحسن الوجوه فيه أنه علم نسخه.

٧٥٥- ومثال هذا ما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة".

٧٥٦- وقد صح عن بعض الخلفاء أنهم أبوا الجمع بين الجلد والرجم مع أنه كان لا يخفى عليهم الحديث؛ لشهرته لو صح، وصح عن عمر رضي الله عنه قوله:"والله لا أنفي أحدًا أبدًا". وقول علي رضي الله عنه: "كفى بالنفي فتنة"..!.. فدل هذا على أن هذا الحكم الذي يتضمنه الحديث وهو الجمع بين الجلد والتغريب منسوخ٢.

٧٥٧- ومما هو جدير بالذكر أن النسخ -وإن كان لا يؤثر في صحة ثبوت الحديث ونسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه في مثل هذا الموقف وهو عرض الحديث على عمل الصحابي والقول به -من وجهة نظر المعارضين- انتقاص لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وترك له دون حجة وعدم الثقة به. وهذا يجعل القائلين به -من وجهة نظر المعارضين أيضًا- مثل الذين يتركون سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم بلا دليل، بل هم يفتحون الباب لأعداء السنة الذيينفذون منه لردها؛ يقول الإمام الشافعي: "أفيجوز في كل خبر رويته عن النبي صلى الله عليه وسلم


١ المصدر السابق حـ٢ ص٦.
٢ المصدر السابق حـ٢ ص٧ وانظر رأي الإمام الشافعي في هذه المسألة في الأم حـ٢ ص١٢٠.

<<  <   >  >>