للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من شهادة الكفار وأيسر وجودًا منها ... فلهذا علم أن خبر الشاهد مع اليمين ليس بحجة١.

خامسها:

٦١٢- أن الله سبحانه وتعالى نقل الحكم عند وقوع الارتياب والشك في صدق الشاهد إلى تحليفه بقوله عز وجل: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ٢ الآية الكريمة، وتحليف الشاهد حينئذ كان مشروعًا ثم نسخ، فلو كان المتنازع فيه وهو الشاهد مع اليمين حجة لكان النقل إليه أولى؛ لأنه أقرب إلى اليمين المشروعة إذا اليمين المشروعة على المدعى عليه وأنه أحد الخصمين، والمدعي يشبهه من حيث أنه خصم، وتحليفه في الجملة مشروع أيضًا، كما في القسامة٣ على مذهب البعض، أما يمين الشاهد فلا أصل له في الشرع؛ لأنه أمين، ولا يمين على الأمين في موضع، فكان النقل إلى يمين الشاهد في غاية البيان أن يمين المدعي ليست بمشروعة، وبالتالي فحديث اليمين مع الشاهد غير صحيح٤.

٦١٣- وقد أيد الأحناف وجهة نظرهم في اتخاذ هذا المقياس بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وكتاب الله أحق"٥. ويقول السرخسي "المراد كل


١ أصول السرخسي ١/ ٣٦٦.
٢ المائدة: ١٠٦.
٣ القسامة بفتح القاف مأخوذ من القسم وهو اليمين، وقال الأزهري: القسامة اسم للأولياء الذين يحلفون على استحقاق دم المقتول. وقيل مأخوذ من القسمة لقسمة الأيمان على الورثة، واليمين فيها من جانب المدعي. وكانت في الجاهلية، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت عليه.
٤ كشف الأسرار ٣/ ٧٢٣.
٥ قال البخاري "٣/ ١٩٨ طبعة بولاق ١٣١١هـ" وقال ابن عمر -أو عمر-: كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط. ثم أورد هذا الحديث بمناسبته التي قيل فيها وهو: "عن عاشة رضي الله عنها قالت: أتتها بريرة تسألها في كتابتها، فقالت: إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرته ذلك. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ابتاعيها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله، فليس له، وإن اشترط مائة شرط"، وزاد في رواية "في ص١٩٢": قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن اعتق.

<<  <   >  >>