للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعفه، إذا وافق قولًا يقوله: ويرد حديث الثقة إذا خالف قولًا يقوله"١.

٥٦٠- ثم ضرب لنا الإمام الشافعي مثلًا من المراسيل التي رفضها محاولًا أن يطبق بعض ما قاله في مرسل: "من بعد كبار التابعين": وهو ما أخبر به سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر "أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي مالًا وعيالًا، وإن لأبي مالًا وعيالًا، وإنه يريد أن يأخذ مالي، فيطعمه عياله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" ٢.

فهذا الحديث لم يقبله الشافعي؛ لأنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أولًا: لأن الله سبحانه وتعالى لما فرض للأب ميراثًا محددًا من الابن، كغيره من الورثة، وهذا الفرض قد يكون أقل فروض كثير من الورثة - دل ذلك على أن ملكية المال إنما هي لابنه دونه.

ثانيًا: ولأن محمد بن المنكدر الذي أرسل هذا الحديث، وإن كان في غاية الثقة والفضل في الدين والورع -فإننا لا ندري عمن قبل هذا الحديث. ومثله في هذا مثل الشاهدين العدلين يشهدان على الرجلين فلا تقبل شهادتهما حتى يعدلاهما أو يعدلهما غيرهما.

وإذا كان محمد بن المنكدر لم يسم لنا من أرسل عنه، فاحتمل أن يكون أرسل عن غير ثقة -فإن غيره ممن أوثق منه سمى لنا من أرسل عنه، فكان ضعيفًا، وبان عوار حديثه، فهذا ابن شهاب الزهري يقول: "إن


١ الرسالة ص ٤٦٥، ٤٦٦.
٢ رواه ابن ماجه عن جابر. ورواه عنه الطبراني في الأوسط، والطحاوي ورواه البزار عن هشام بن عروة مرسلًا، وصححه ابن القطان، وله طريق أخرى عند البيهقي في الدلائل وأخرجه ابن حبان عن عائشة، قال في المقاصد الحسنة: "والحديث قوي" "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: إسماعيل بن العجلوني الجراحي "١١٦٢هـ" - مكتبة التراث الإسلامي- حلب. ١/ ٢٣٩ - ٢٤١ رقم الحديث ٦٢٨".

<<  <   >  >>