للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاتجاه الثالث:

٥٣٩- هذا الاتجاه وقف موقفًا وسطًا، فلم يقبل كل المراسيل الصحيحة كما رأى الاتجاه الأول والثاني تقريبًا، ولم يرفض كل المراسيل كما رأى الاتجاه الرابع والأخير الذي سنتعرف عليه بعد قليل -إن شاء الله عز وجل.

٥٤٠- وهو يرى أن هناك مراسيل جديرة بالقبول؛ لأن هناك من الدلائل والشواهد على صحتها، وأن هناك مراسيل ينبغي رفضها أو التوقف في قبولها؛ لعدم وجود هذه الدلائل التي تدعو إلى الاطمئنان إليها، ويكون قبولها نوعًا من المجازفة؛ لأن رواتها تأكد فعلًا أنهم يروون عن الضعاف. وعلى هذا فقد قبل المراسيل، التي تتوافر فيها شروط ميعنة، ورفض غيرها.

٥٤١- وعلى رأس هذا الاتجاه، بل وصانعه -الإمام الشافعي، رضي الله عنه. وهو يرى أن المرسل ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: مرسل كبار التابعين الذين شاهدوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثرت مشاهدتهم لهم.

ثانيهما: مرسل غيرهم أو مرسل من بعد كبار التابعين، كما يعبر الإمام الشافعي.

٥٤٢- أما القسم الأول "مرسل كبار التابعين" فإنه يقبل في حالات منها:

١- أن يشركه الحفاظ المأمونون، فأسندوه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويكفي أن يوافقوه في معنى ما روى فقط، فإن وجد ذلك كان دلالة على أن من أخذ عنه المرسل قد حفظه وضبطه وبالتالي فهو صحيح.

٥٤٣- ويقول ابن الصلاح إن هذا هو سبب احتجاج الشافعي رضي الله عنه، بكثير من مرسلات سعيد بن المسيب، رضي الله عنه، فإنها وجدت

<<  <   >  >>