للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كانت لي ندوات تبشيرية مع رجالات مسلمي أسوان. واستطعت أن أقوم بنهضات دينية رائعة دعوت لها كبار الشخصيات.

ومن العجب العجاب أنني في نشوة انتصاراتي بالعمل التبشيري وفي فترة إعداد نفسي لنيل درجة دكتوراة في الفسلفة واللاهوت من جامعة برنستون بأمريكا، وفي استعدادي وإعدادي للرسالة التي أسميتها "سيف جليات"١ أردت الهجوم على الإسلام بمهاجمة القرآن. ويشاء الله أن يقهرني بالقرآن الكريم ليسمعني صوته بقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} ٢.

كان لهذه الآية وقع في نفسي، إذ جعلتني أفكر تفكيرًا حرًا نزيها، وأحسست بأن الله الذي علمني ما لم أعلم يستطيع أن يجردني من العلم والمعرفة ويتركني للذل والهوان. لكن إرادته لهدايتي جعلته يفيض علي من أنوار هذه الآية ما أيقظ ذهني وقلبي ووجهني إلى إرادته ومشيئته.

والحق أن ما قرره القرآن الكريم هو الصدق اليقيني: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} ٣.

{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} ٤.

"الحمد لله الذي هداني لهذا، وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله"٥.

إن روعة القرآن هي التي فعلت -ولا تزال تفعل الأعاجيب- ليس فقط بين الذين ورثوا العربية لسانًا يتحدثون به، بل أيضًا بين ذوي الألسنة الأعجمية -غير العربية- الذين إذا سمعوا القرآن يرتل أو يتغنى به، اطمأنت به قلوبهم


١ التسمية مأخوذة من المعركة التي انتصر فيها النبي داود على جالوت.
٢ الجن: ١-٢.
٣ الأنعام: ١٢٥.
٤ الزمر: ٢٢.
٥ الاستشراق والتبشير وصلتهما بالإمبريالية العالمية -تأليف: إبراهيم خليل أحمد- ص١٤-١٥.

<<  <   >  >>