للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العسكرية، والمهارة الفنية، وغير ذلك مما ورد في القصيدة بما يتناسب مع مهارته العسكرية، ومنصبه في الجيش الذي يقوده ويتولى أمره ورعايته.

ثالثًا: القيم التي قامت عليها مدائحه قيم نبعت من ظروف عصره ومقتضيات أمته، فقصيدة "رائد نهضة" اشتملت على القيم العلمية والفكرية والأدبية، التي جعلت معالي الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ وزيرًا للمعارف، وموجهًا للمعاهد العلمية في المملكة العربية السعودية، وكذلك قصيدة "فرحة ولقاء"، وقصيدة "أسفر الصبح" قامتا على قيم سامية نبعت من مكانة الأمير القيادية والعسكرية، وحنكته السياسية، بما هو به جدير، فصار أهلًا لهذه القيادة، وكذلك الأمر في القصيدة الرابعة.

رابعًا: تجردت المدائح عند زاهر من الإطالة في المدح القديم، وتسخيره لحاجة القائل من الرغبة في المنح والعطايا التي يبتغيها من الممدوح؛ حيث كان الشاعر القديم يقصد من شعره العطية ابتداء، فإن لم يفض عليه الممدوح بها انقلب الشاعر هاجيًا ناقمًا، مما جعل القصائد في المدح القديم سلمًا تقليديًّا يتدرج فيه الشاعر على القيم التقليدية في المدح عند الشعراء فلا يخرج عنها.

لكن زاهر حينما ينشد قصيدة في المدح لا يبتغي من ورائها شيئًا من ذلك مما يعبر بصدق عن الصفات التي لا تنفصل عن الممدوح، والتي نبعت من ظروف عصره لا عن تقليد للغير، وفاضت بها طبيعته وروحه ومنهجه في الحياة المعاصرة، ولذلك كانت القيم التي يمتدح بها الشاعر ممدوحه قيمًا جديدة معاصرة، تتلاءم مع شخصية الممدوح، وطبيعة العمل الذي يقوم به، فطبيعة شخصية صاحب السمو الملكي قائد جيش، وصاحب المعالي وزير للمعارف وموجه في التعليم، وطبيعة الأمير السديري تختلف هي الأخرى عن الطبيعتين السابقتين، وهكذا أصبح لشاعرنا اتجاه خاص في مدحه يختلف فيه عن المدح في الشعر القديم.

سادسًا: شعر الحضارة

وهذا غرض جديد من أغراض الشعر الحديث، يصور فيه الشاعر الحضارة المعاصرة بشقيها، الأول: المعنوي والأخلاقي والمثالي، والثاني: المادي من التقدم العلمي الصناعي والزراعي والاقتصادي وغيرها.

وقد يتجاوب بعض الشعراء المحدثين مع التقدم الحضاري في شعر يصور هذه الجوانب، وقد لا يتجاوب البعض الآخر، وشاعرنا زاهر قد أنشد شعره في هذا الغرض الجديد، مثل قصيدته، "مراقي الفضاء" التي ألقاها الشاعر في الحفل الثقافي الكبير "بمعهد أبها العلمي" عام ١٨٤٨هـ، وذلك حينما حدثت ضجة كبرى حول غزو الفضاء، وظهرت بوادر الإنكار.

<<  <   >  >>