للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القاضي على بن عبد العزيز الجرجاني:

ويقفز القاضي ١ خطوات إلى الأمام بالصورة الأدبية فتزداد وضوحًا وعمقًا وتشيع في مفهومها ألوان جديدة فوق ما سبق.

أولًا: يرى أن ليس من الضروري في كل نظم أو تأليف أن يكون فيه تصوير أدبي، يشير النفوس بسحره، ويهز الأعطاف بجماله، يقول في فصل "ما عيب على أبي الطيب من معانيه وألفاظه٣".

وأنا أعدل إلى ذكر ما رأيتك تفكر من معانيه وألفاظه، وتعيب من مذاهبه وأغراضه، وتحيل في ذلك الإنكار على حجة أو شبهة، وتعتمد فيما تعيبه على بينة أو تهمة، إذ كان ما قدمت حكاية عنك، وما عددته من مطاعنك، وأثبته من الأبيات التي أسقطتها وملَّت على هذا الرجل لأجلها من باب ما يمتحن بالطبع لا بالفكرة".

ثانيًا: يوضح النظم الساقط الذي لا يرقى إلى مستوى التصوير الأدبي، والجمال الفني، من التأليف الذي به جهامة تعافها النفس، وكزازة تنفر منه، ويصبح خاليًا من بهاء ورنقه وحلاوة ومنظره، وعذوبة وقعه، وجمال نثره ورشاقة عرضه، متعسف الديباجة متعمل الطلاوة أفسده التصنع، وأخفى التعقيد معناه، فالنظم الذي يكون بهذه الطريقة يصير قلقًا متكلفًا، والصورة التي تتسم بهذه الصفات تكون متعسفة منحوتة، لا حياة فيها ولا روح، وقد حشيت بالتزويق والتجنيس، والترصيع والمطابقة، والبديع والغموض واختلاف الترتيب واضطراب


١ صاحب الوساطة بين المتنبي وخصومه المتوفي سنة ٣٩٢ هـ.
٢ الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي الجرجاني ص ٣١٠ وما بعدها - ط صبيح.

<<  <   >  >>