للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي الحواريّ، عن مروان قال: لما قدِم المنصور دمشق سنة ثلاثٍ وخمسين ومائة استعمل يحيى بن حمزة على القضاء، وقال له: يا شابّ، أرى أهل بلدك قد أجمعوا عليك، فإيّاك والهديّة؛ فلم يزل قاضيًا حتّى مات.

قال أبو زُرْعة: وأعلم النّاس مكحول، والهيثم بن حُمَيْد، ويحيى بن حمزة.

قال دحيم، وجماعة: مات يحيى سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة.

٤٠٥- يحيى البرمكيّ١:

هو الوزير يحيى بن خالد بن برمك، أبو عليّ.

كان المهديّ قد ضمّ إليه هارون الرشيد وجعله في حُجْره، فأحسن سياسته وأدّبه، فلمّا استُخْلِف نوّه بذِكره ورفع محلَّه، فكان يقول: قال أبي: وردّ إصدار الأمور وإيرادها إليه، فلمّا قَتل ابنه جعفرًا خلّد يحيى في السجن.

قال الأصمعيّ: سمعته يقول: الدنيا دُوَلٌ، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسْوَة، ولِمَن بعدنا عبرة.

قال إسحاق المَوْصليّ: كانت صِلات يحيى إذا ركب لمن تعرّض له مائتي درهم.

وقال المَوْصليّ: قال أبي: أتيت يحيى بن خالد فشكوتُ ضيقه، فقال: ما أصنع لك؟ ليس عندي شيء، ولكن أدلك على أمر فكن فيه رجلا.

قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئًا، وقد أبيت فألَح؛ وقد بلغني أنك أعطيت بجاريتك ثلاثة آلاف دينار. فهوذا، استهديه إياها، وإيّاك أن تُنقصها عن ثلاثين ألف دينار شيئًا، وانظر كيف تكون.

قال: فوالله ما شعرت بالرجل إلا وقد وافاني، فساومني بالجارية، فلم يزل حتّى بذل لي عشرين ألفًا. فلمّا سمعتها ضعُف قلبي عن ردّها، فبِعْتُها، فلمّا صرت إلى يحيى قال: إنّك لخسيس. كنتَ صبرت، وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا. فخذ جاريتك، فإذا ساومك لا تُنقصها عن خمسين ألف دينار.

قال: فجاءني فبعتها بثلاثين ألف دينار.


١ وفيات الأعيان "٦/ ٢١٩-٢٢٩" والسير "٩/ ٨٩-٩١".