للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد العنقزيّ، حدثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ.

وَفِيهِ زَائِدٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ: فسألته عَنْ سِيرَتِهِ فِي جُلَسَائِهِ فَقَالَ: كَانَ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ، وَلَا فَحَّاشٍ، وَلَا عَيَّابٍ، وَلَا مَزَّاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِيهِ، وَلَا يُؤْيَسُ مِنْهُ، وَلَا يُحَبَّبُ فِيهِ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: مِنَ الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَا لَا يَعْنِيهِ، وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا وَلَا يُعَيِّرُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رءوسهم الطّير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ، وَكَانَ يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: "إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه"، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا عَنْ مُكَافِئٍ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ.

فسألته: وكيف كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّدَبُّرِ، وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَدَبُّرُهُ، فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسْتَفِزُّهُ. وَجُمِعَ لَهُ الحذر في أربع: أخذه بِالْخَيْرِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا يُصْلِحُ أُمَّتَهُ وَالْقِيَامِ بِهِمْ، وَالْقِيَامِ فِيمَا جَمَعَ لَهُمْ أَمْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ١.

وَرَوَاهُ بِطُولِهِ كُلِّهِ يعقوب الفسويّ: حدثنا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَصْرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ، فَذَكَرَهُ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ: قَرَأْتُ٢ عَلَى أَبِي الْهُدَى عِيسَى بْنِ يَحْيَى السَّبْتِيِّ، أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الرحيم بن يوسف


١ إسناده ضعيف جدًّا: جميع بن عمر العجلي ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "١٥٥٠".
٢ قائل "قرأت" هو المصنف، فإن عيسى البستي في طبقة شيوخ المصنف لا شيوخ أبي غسان النهدي، وتأتي ترجمته "٦٢١٣".