للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوليين وأحذَف١ في الأخريين، فَقَالَ: ذاك الظن بك يَا أبا إِسْحَاق، ثُمَّ بَعَثَ رجالًا يسألْوَن عَنْهُ، فكانوا لَا يأتون مسجدًا من مساجد الْكُوفَة إِلَّا قالْوَا خيرًا، حَتَّى أتوا مسجدًا من مساجد بني عبْس، فَقَالَ رَجُلٌ يقال له: أبو سعدة: أما إذ أنشدتمونا باللَّه، فإِنَّهُ كَانَ لَا يَعدل في القضية، وَلَا يقسم بالسوية، وَلَا يغزو في السرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فأعْمِ بصره، وأطل عُمره، وعرضه للفِتَن، قَالَ عَبْد الملك: أنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: شيخ كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد٢.

وَقَالَ الزبير بن عدي، عَن مُصعب، إن سعدًا خطبهم بالْكُوفَة، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْل الْكُوفَة، أي أمير كنت لكم؟ -فقام رَجُلٌ فَقَالَ: إن كنت مَا علمتك لَا تعدل في الرعية، وَلَا تقسم بالسوية، وَلَا تغزو في السرية؟ فَقَالَ: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا فاعْمٍ بصره، وعجل فَقْره، وأطِل عُمُرَه، وعرضه للفِتن، قَالَ: فما مات حَتَّى عُمِّر وافتقر وسأل، وأدرك فتنة المختار فقُتل فِيهَا٣.

وَقَالَ شُعْبة، عَن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ، وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ، فَكَشَفَهَا الرِّيحُ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدَّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ لِيَمْنَعُهُ فَتَنَاوَلَهُ بِالدَّرَّةِ، فَذَهَبَ سَعْدٌ لِيَدْعُو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدَّرَّةَ وَقَالَ: اقْتَصْ، فَعَفَا عَنْ عُمَرَ٤.

وَقَالَ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنْ عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَنَا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَصْرَهُ ... وسعد بباب الْقَادِسِيَّةِ مُعْصمٌ

فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أيَّمُ

فَبَلَغ سَعْدًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ، فَجَاءَتْ نُشَّابَةٌ٥، فأصابت فاه،


١ الحذف: التخفيف.
٢ حديث صحيح: أخرجه البخاري "٧٥٥"، ومسلم "٤٥٤"، وأبو داود "٨٠٣"، وأحمد "١/ ١٧٥، ١٧٧، ١٧٩، ١٨٠"، والنسائي "٢/ ٢١٧".
٣ انظر السابق.
٤ خبر صحيح: أخرجه الطبراني "٣٠٩" في الكبير.
٥ نشابة: الناشب: الرامي بالنشاب، والجمع: نشابة، والنشاب: النبل. المعجم الوجيز "ص/ ٦١٤".