للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر العَبْدَرِيّ عنه، فقال: كان خيرَ موجودٍ في وقته. وكان لا يحفظ، إنّما يعوّل على الكُتُب.

وقال ابن طاهر: سمعتُ ابن الخاضبة، وكنتُ ذكرت له أنّ بعض الهاشميّين حدَّثني بإصبهان، أنّ الشّريف أبا الحسين بن الغريق١ يرى الاعتزال، فقال لي: لا أدري، ولكن أحكي لك حكاية: لمّا كان في سنة الغَرَق وقعت داري على قماشي وكُتُبي، ولم يكن لي شيء. وكان عندي الوالدة والزّوجة والبنات، فكنتُ أنسخ للنّاس، وأُنفق عليهنّ، فأعرف أنّني كتبتُ "صحيح مسلم". في تلك السَّنة سبْع مرّات، فلما كان ليلة من اللّيالي رأيتُ كأنّ القيامة قد قامت، ومناديا ينادي: أين ابن الخاضبة؟ فأُحْضِرتُ، فقيل لي: أدخل الجنة. فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رِجْليَّ على الأخرى، وقلت: استرحتُ والله من النّسخ. فرفعتُ رأسي، فإذا ببغْلة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ فقال: للشريف أبي الحسين ابن الغريق. فلمّا أصبحت نُعي إلينا الشّريف٢.

وقال ابن عساكر٣: سمعتُ أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف يحكي أنه طلع في بعض بني الرّؤساء ببغداد إصبعٌ زائدة، فاشتدّ تألُّمُه منها ليلةً، فدخل عليه ابن الخاضبة، فشكا إليه وجَعَه، فمسح عليها وقال: أمرُها يسير. فلمّا كانت اللّيلة الثّانية نام وانتبه، فوجدها قد سقطت. أو كما قال.

تُوُفّي -رحمه الله- في ثاني ربيع الأوّل ببغداد، وكان يومًا مشهودًا، وخُتِم على قبره خَتْمات.

٣٢٢- محمد بن الحسن٤.

أبو بكر الحضْرميّ، المعروف بالمُرَاديّ القيرواني.

دخل الأندلس، وأخذ عنه أهلها.


١ في سير أعلام النبلاء "١٩/ ١١٢" "أبا الحسين بن المهتدي بالله".
٢ تذكرة الحفاظ "٤/ ١٢٢٦"، وسير أعلام النبلاء "١٩/ ١١٢"، والبداية والنهاية "١٢/ ١٥٣".
٣ في تاريخ دمشق "٣٦/ ٣٣٠".
٤ الصلة لابن بشكوال "٢/ ٦٠٤، ٦٠٥"، ومعجم المؤلفين "٩/ ١٨٨".