للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي الفقيه.

إمام الطائفة الحنبلية فِي زمانه بلا مُدافعة.

سمع: أَبَا القاسم بْن بِشْران، وأبا الحسين بْن الحَرَّاني، وأبا مُحَمَّد الخلّال، وأبا إِسْحَاق البرمكي، وأبا طَالِب العُشَاريّ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي، وغيره.

وهو أجلّ أصحاب القاضي أَبِي يَعْلَى.

قال السمعاني: كان حَسَن الكلام فِي المناظرة، ورِعًا زاهدا، متقِنًا، عالمًا بأحكام القرآن والفرائض، مَرْضِيّ الطريقة.

وقال أبو الْحُسَيْن بْن الفراء: لِزمَتُه خمسَ سِنين.

قال: وكان إذا بلغه مُنْكَر قد ظهر عظُم ذلك عليه جدًّا، وكان شديدًا على المبتدِعة، لم تَزَلْ كلمته عالية عليهم، وأصحابُه يقمعونهم، ولا يردّ يدَه عَنْهُمْ أحد، وكان عفيفًا نزها، وكان يدرِّس بمسجده، ثُمَّ انتقل إِلَى الجانب الشرقي يدرِّس فِي مسجد آخر، ثُمَّ انتقل فِي سنة ستٍّ وستين لأجل ما لحق نهر المُعَلَّى من الغرق إِلَى باب الطاق، ودرَّس بجامع المهديّ.

ولما احتضر القاضي أبو يَعْلَى أوصى أن يغسّله الشريف أبو جعفر، فلما احْتِضِر القائم بأمر اللَّه أوصى أيضًا أن يغسّله، ففعل.

وكان قد وصَّى له القائم بأمر اللَّه بأشياء كثيرة، فلم يأخذْها، فَقِيل له: خُذْ قميص أمير المؤمنين للبركة، فأخذ فُوطته فنشّف بها القائم، وقال: قد لحِق الفُوطة بركة أمير المؤمنين.

ثُمَّ استدعاه المقتدي، فبايعه منفردًا.

ولمّا توفِّي كان يوم جنازته يومًا مشهودًا، وحُفِر له إِلَى جانب قبر الإمام أحمد، ولزم الناس قبره ليلًا نهارًا، حَتَّى قيل: خُتِمَ على قبره أكثر من عشرة آلاف ختمة.

ورُؤي فِي النوم، فَقِيل له: ما فعل اللَّه بك؟ قال: لَقِيني أَحْمَد بْن حنبل فقال: يا أَبَا جَعْفَر، لقد جاهدتَ فِي اللَّه حقَّ جهاده، وقد أعطاك اللَّه الرضا.