وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ مَا فِي قُلُوبِ الْمَلَائِكَةِ وَأَنْبِيَائِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَإِجْلَالِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، فَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ يَعْرِفُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ، وَيُجِلُّونَهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، وَالْمُرَادُ مَحَبَّتُهُ وَمَعْرِفَتُهُ وَالْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي قُلُوبِهِمْ لَا نَفْسَ ذَاتِهِ، وَهَذَا أَمُرُّ تَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ وَمُحَاوَرَاتِهِمْ، يَقُولُ الْإِنْسَانُ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ فِي قَلْبِي وَلَازِلْتَ فِي عَيْنِي كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
وَمِنْ عَجَبٍ أَنِّي أَحِنُّ إِلَيْهُمُ ... وَأَسْأَلُ عَنْهُمْ مَنْ لَقِيتُ، وَهُمْ مَعِي ... وَتَطْلُبُهُمْ عَيْنِي، وَهُمْ فِي سَوَادِهَا
وَيَشْتَاقُهُمْ قَلْبِي، وَهُمْ بَيْنَ أَضْلُعِي
وَقَالَ آخَرُ:
خَيَالُكَ فِي عَيْنِي وَذِكْرُكَ فِي فَمِي ... وَمَثْوَاكَ فِي عَيْنِي فَأَيْنَ تَغِيبُ
وَقَالَ آخَرُ فِي الْمَعْنَى وَأَجَادَ:
إِنْ قُلْتُ غِبْتِ فَقَلْبِي لَا يُصَدِّقُنِي ... إِذْ أَنْتِ فِيهِ فَدَتْكِ النَّفْسُ لَمْ تَغِبِ
أَوْ قُلْتُ مَا غِبْتِ قَالَ الطَّرْفُ ذَا كَذِبٌ ... فَقَدْ تَحَيَّرْتُ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ
وَقَالَ آخَرُ: (فِي الْمَعْنَى مُفْرَدٌ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute