للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشُّعُوبَ غَيْرَ الْإِلَهِ التَّامِّ، قِيلَ لَكُمْ: فَاجْعَلُوا جَمِيعَ الرُّسُلِ آلِهَةً فَإِنَّهُمْ خَلَّصُوا الْأُمَمَ مِنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَخَلَّصُوهُمْ مِنَ النَّارِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَحْدَهُ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَسِيحَ خَلَّصَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ مَنْ ذَلِّ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، كَمَا خَلَّصَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنِ وَقَوْمِهِ، وَخَلَّصَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ.

وَخَلَّصَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مِنَ الْأُمَمِ وَالشُّعُوبِ مَا لَمْ يُخَلِّصْهُ نَبِيٌّ سِوَاهُ، فَإِنْ وَجَبَتْ بِذَلِكَ الْإِلَهِيَّةُ لِعِيسَى بِذَلِكَ فَمُوسَى وَمُحَمَّدٌ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ.

وَإِنْ قُلْتُمْ: أَوْجَبْنَا لَهُ بِذَلِكَ الْإِلَهِيَّةَ لِقَوْلِ أَرْمِيا النَّبِيِّ عَنْ وِلَادَتِهِ: وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (يَقُومُ لِدَاودَ ابْنٌ) ، وَهُوَ ضَوْءُ النَّهَارِ، يَمْلِكُ الْمُلْكَ، وَيُقِيمُ الْحَقَّ وَالْعَدْلَ فِي الْأَرْضِ، وَيُخَلِّصُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ الْيَهُودِ وَمِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ غَيْرِهِمْ، وَيَبْقَى بَيْتُ الْمَقْدِسِ بِغَيْرِ مُقَابِلٍ، وَيُسَمَّى الْإِلَهَ.

فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اسْمَ الْإِلَهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَغَيْرِهَا قَدْ أُطْلِقَ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِّ وَالسَّيِّدِ وَالْآبِ، وَلَوْ كَانَ عِيسَى هُوَ اللَّهُ لَكَانَ أَجَلَّ مَنْ أَنْ يُقَالَ: وَيُسَمَّى الْإِلَهَ، وَكَانَ يَقُولُ وَهُوَ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُعْرَفُ بِمِثْلِ هَذَا، وَفِي هَذَا الدَّلِيلِ الَّذِي جَعَلْتُمُوهُ بِهِ إِلَهًا أَعْظَمُ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ، وَأَنَّهُ ابْنُ الْبَشَرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَقُومُ لِدَاوُدَ ابْنٌ، فَهَذَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>