إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ قَالَ الْخَطَابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَى وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ: الْإِرْشَادُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْأَدَبِ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَالْمَدْحُ لَهُ بِأَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ مَحَاسِنُ الْأُمُورِ دُونَ مُسَاوِيهَا، وَلَمْ يَقَعِ الْقَصْدُ بِهِ إِلَى إِثْبَاتِ شَيْءٍ وَإِدْخَالِهِ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَنَفْيِ ضِدِّهِ عَنْهَا فَإِنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ صَادِرَانِ عَنْ خَلْقِهِ، وَقُدْرَتِهِ لَا مُوجِدَ لِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ غَيْرُهُ، وَقَدْ يُضَافُ مَعَاظِمُ الْخَلِيقَةِ إِلَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ فَيُقَالُ: يَا رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ كَمَا يُقَالُ: يَا رَبَّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: يَا رَبَّ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ سُفْلِ الْحَيَوَانَاتِ وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَتْ إِضَافَةُ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ لَهَا وَالْقُدْرَةِ شَامِلَةً لِجَمِيعِ أَصْنَافِهَا. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: لَوْ كُنْتَ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكٍ تَطْلُبُ حَاجَةً لَسَرَّكَ أَنْ تَخْشَعَ لَهُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. (وَمِنْهَا) : أَنْ لَا يُتَكَلَّفَ السَّجْعُ فِي الدُّعَاءِ لِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: " وَانْظُرْ إِلَى السَّجْعِ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ أَيْ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ ; قَالَ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمُرَادُ بِالسَّجْعِ هُوَ الْمُتَكَلَّفُ مِنَ الْكَلَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ الضَّرَاعَةَ وَالذِّلَّةَ وَإِلَّا فَفِي الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ كَلِمَاتٌ مُتَوَازِنَةٌ غَيْرُ مُتَكَلَّفَةٍ. (وَمِنْهَا) : الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوَّلًا وَآخِرًا أَيْ قَبْلِ الدُّعَاءِ، وَبَعْدَهُ كَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي الْآيَاتِ. فَقَدَّمَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ دَعَا، وَعَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute