عَنْ وَرْشٍ فِي كَيْفِيَّةِ تَسْهِيلِهَا، فَرَوَى عَنْهُ بَعْضُهُمْ إِبْدَالَهَا أَلِفًا خَالِصَةً، وَإِذَا أَبْدَلَهَا مَدَّ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ مَدًّا مُشْبَعًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ بَابِ الْمَدِّ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي " التَّبْصِرَةِ "، وَ " الشَّاطِبِيَّةِ "، وَ " الْإِعْلَانِ "، وَعِنْدَ الدَّانِيِّ فِي غَيْرِ " التَّيْسِيرِ "، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ " التَّنْبِيهُ ": إِنَّهُ قَرَأَ بِالْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ مَكِّيٌّ: وَقَدْ قِيلَ عَنْ وَرْشٍ إِنَّهُ يُبْدِلُهَا أَلِفًا، وَهُوَ أَحْرَى فِي الرِّوَايَةِ ; لِأَنَّ النَّقْلَ وَالْمُشَافَهَةَ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَدِّ عَنْهُ، وَتَمْكِينُ الْمَدِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْبَدَلِ، وَجَعْلُهَا بَيْنَ بَيْنَ أَقْيَسُ عَلَى أُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ، قَالَ: وَحُسْنُ جَوَازِ الْبَدَلِ فِي الْهَمْزَةِ وَبَعْدَهَا سَاكِنٌ أَنَّ الْأَوَّلَ حَرْفُ مَدٍّ وَلِينٍ. فَالْمَدُّ الَّذِي يَحْدُثُ مَعَ السُّكُونِ يَقُومُ مَقَامَ حَرَكَةٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى النُّطْقِ بِالسَّاكِنِ. انْتَهَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ غَلِطَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيُّ: لَيْسَ غَلَطًا عَلَيْهِ، بَلْ هِيَ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ عَنْهُ، فَإِنَّ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَوَى أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ، وَنَافِعًا، وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُسْقِطُونَ الْهَمْزَةَ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَدَعُونَ الْأَلِفَ خَلَفًا مِنْهَا، فَهَذَا يَشْهَدُ بِالْبَدَلِ. وَهُوَ مَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ، حَكَاهُ قُطْرُبٌ وَغَيْرُهُ.
(قُلْتُ) : وَالْبَدَلُ فِي قِيَاسِ الْبَدَلِ فِي (أَأَنْذَرْتَهُمْ) وَبَابِهِ، إِلَّا أَنَّ بَيْنَ بَيْنَ فِي هَذَا أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْهَمْزِ وَاخْتَصَّ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ وَرْشٍ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِي (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ) وَفِي (أَفَأَمِنَ) وَهُوَ (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى، أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ، أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ، أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا، أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ) وَلَا سَادِسَ لَهَا، وَلِذَا سَهَّلَهَا فِي (أَفَأَنْتَ، أَفَأَنْتُمْ) وَكَذَلِكَ سَهَّلَ الثَّانِيَةَ مِنْ (لَأَمْلَأَنَّ) وَوَقَعَتْ فِي الْأَعْرَافِ، وَهُودٍ، وَالسَّجْدَةِ، وَص، وَكَذَلِكَ الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ " كَأَنَّ " كَيْفَ أَتَتْ، مُشَدَّدَةً أَمْ مُخَفَّفَةً نَحْوُ (كَأَنَّهُمْ، كَأَنَّكَ، وَكَأَنَّمَا، وَكَأَنَّهُ، وَكَأَنَّهُنَّ، وَوَيْكَأَنَّهُ، وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَكَأَنْ لَمْ تَغْنَ، وَكَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) وَكَذَلِكَ فِي الْهَمْزَةِ فِي (تَأَذَّنَ) فِي الْأَعْرَافِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ الْهَمْزَةُ مِنْ: (وَاطْمَأَنُّوا بِهَا) فِي يُونُسَ وَ (اطْمَأَنَّ بِهِ) فِي الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ الْهَمْزَةُ مِنْ (رَأَى) فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَرَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) فِي يُوسُفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute