٢٧٥ - وقَالَ: وَأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ خِدَاشٍ ثِقَةٌ ⦗٢٤٥⦘ قَالَ: " وَدَّعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَوْصِنِي فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي السَّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكِتَابَةِ الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ»
٢٧٦ - أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ قَاسِمُ بْنُ مَرْوَانَ لِنَفْسِهِ:
[البحر البسيط]
مَا لِي بَقِيتُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ قَدْ ذَهَبُوا ... عَنَّا وَرَاحُوا إِلَى الرَّحْمَنِ وَانْقَلَبُوا
أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ شَيْخًا أَخَا كِبَرٍ ... كَالسِّلْكِ تَعْتَادُنِي الْأَسْقَامُ وَالْوَصَبُ
صَحِبْتُهُمْ وَذِمَامُ الظُّرْفِ يَجْمَعُنَا ... دَهْرًا دَهِيرًا فَزَانُوا كُلَّ مَنْ صَحِبُوا
. فِي قَصِيدَةٍ طَوِيلَةٍ يَذْكُرُ قَوْمًا مِنْ فُقَهَاءِ قُرْطُبَةَ سَلَفُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَفِي شَعْرِهِ ذَلِكَ:
وَالْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَشْرِيَفٌ لِصَاحِبِهِ ... أَتَتْ إِلَيْنَا بِذَا الْأَنْبَاءُ وَالْكُتُبُ
وَالْعِلْمُ يَرْفَعُ أَقْوَامًا بِلَا حَسَبٍ ... فَكَيْفَ مَنْ كَانَ ذَا عِلْمٍ لَهُ حَسَبُ
فَاطْلُبْ بِعِلْمِكَ وَجْهَ اللَّهِ مُحْتَسِبًا ... فَمَا سِوَى الْعِلْمِ فَهْوُ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ.
٢٧٧ - وَلِي مُعَارَضَةٌ لِقَوْلِ الْقَائِلِ وَهُوَ أَبُو حَاطِبٍ:
[البحر الكامل]
وَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ الْعُلُومِ أَجَلَّهَا ... فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَلْسُنِ
،،،
الْعِلْمُ يَرْفَعُ كُلَّ بَيْتٍ هَيِّنٍ ... وَالْفِقْهُ يَجْمُلُ بِاللَّبِيبِ الدَّيِّنِ
وَالْحُرُّ يُكْرَمُ بِالْوَقَارِ وَبِالنُّهَى ... وَالْمَرْءُ تَحْقِرُهُ إِذَا لَمْ يَرْزُنِ
⦗٢٤٦⦘ فَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ الْعُلُومِ أَجَلَّهَا ... فَأَجَلُّهَا عِنْدَ التَّقِيِّ الْمُؤْمِنِ
عِلْمُ الدِّيَانَةِ وَهْوَ أَرْفَعُهَا لَدَى ... كُلِّ امْرِئٍ مُتَيَقِّظٍ مُتَدَيِّنِ
هَذَا الصَّحِيحُ وَلَا مَقَالَةَ جَاهِلٍ ... فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَلْسُنِ
لَوْ كَانَ مُهْتَدِيًا لَقَالَ مُبَادِرًا ... فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَدْيُنِ.
٢٧٨ - وَلِبَعْضِ الْأُدَبَاءِ:
[البحر الطويل]
يُعَدُّ رَفِيعَ الْقَوْمِ مَنْ كَانَ عَالِمًا ... وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْمِهِ بِحَسِيبِ
وَإِنْ حَلَّ أَرْضًا عَاشَ فِيهَا بِعِلْمِهِ ... وَمَا عَالِمٌ فِي بَلْدَةٍ بِغَرِيبِ.
٢٧٩ - وَفِي حِكْمَةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْعِلْمُ فِي الصَّدْرِ كَالْمِصْبَاحِ فِي الْبَيْتِ»
٢٨٠ - وَقِيلَ لِبَعْضِ حُكَمَاءِ الْأَوَائِلِ: " أَيُّ الْأَشْيَاءِ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَقْتَنِيَهُ؟ قَالَ: الْأَشْيَاءُ الَّتِي إِذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ سَبَحَتْ مَعَهُ يَعْنِي الْعِلْمَ،
٢٨١ - وَقَالَ غَيْرُهُ: «مِنْهُمْ مَنِ اتَّخَذَ الْعِلْمَ لِجَامًا اتَّخَذَهُ النَّاسُ إِمَامًا، وَمَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَاحَظَتْهُ الْعُلُومُ بِالْوَقَارِ»
٢٨٢ - وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنِ اسْتَغْنَيْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَمَالًا وَإِنِ افْتَقَرْتُمْ كَانَ ⦗٢٤٧⦘ لَكُمْ مَالًا»
٢٨٣ - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «يَرْزُقُ اللَّهُ الْعِلْمَ السُّعَدَاءَ وَيَحْرِمُهُ الْأَشْقِيَاءَ»
٢٨٤ - وَفِي رِوَايَةِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَحْرُسُهُ، وَالْعِلْمَ يَحْرُسُكَ، وَالْمَالَ تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمَ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَآثَارَهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ»
٢٨٥ - قَالَ أَبُو عُمَرَ: مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ هَذَا أَخَذَ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيَّ قَوْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ:
[البحر البسيط]
مَوْتُ التَّقِيِّ حَيَاةٌ لَا انْقِطَاعَ لَهَا ... قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أَحْيَاءُ
٢٨٦ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ: عَجِبْتُ لِمَنْ لَمْ يَكْتُبِ الْعِلْمَ كَيْفَ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ،
٢٨٧ - وَأنشدنا أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ حَامِدٍ الرُّومِيُّ الْكَاتِبُ لِنَفْسِهِ فِي أَبْيَاتٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ:
[البحر البسيط]
إِنَّمَا الْعِلْمُ مِنْحَةٌ لَيْسَ فِي ذَا مُنَازِعُ ... هُوَ لِلنَّفَسِ لَذَّةٌ وَهْوَ لِلْقَدْرِ رَافِعُ
⦗٢٤٨⦘ يُعَرِّفُ النَّاسَ رَبَّهُمْ وَهْوَ مَيْتٌ شَاسِعُ ... فَضَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَاضِلٌ فِيهِ بَارِعُ
٢٨٨ - وَقَالَ آخَرُ:
لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي قَوْمٍ إِذَا سَمِعُوا ... ذَا اللُّبِّ يَنْطِقُ بِالْأَمْثَالِ وَالْحِكَمِ
قَالُوا وَلَيْسَ بِهِمْ إِلَّا نَفَسَاتُهُ ... أَنَافِعٌ ذَا مِنَ الْإِفْلَاسِ وَالْعَدَمِ
٢٨٩ - وَلِأَبِي سُلَيْمَانَ جَلِيسِ ثَعْلَبٍ:
[البحر الوافر]
لَقَدْ ضَلَّتْ حُلُومٌ مِنْ أُنَاسٍ ... يَرَوْنَ الْعِلْمَ إِفْلَاسًا وَشُؤْمًا
كَسَانَا عِلْمُنَا فَخْرًا وَجُودًا ... وَبِالْجَهْلِ اكْتَسَوْا عَجْزًا وَلَوْمَا
هُمُ الثِّيرَانُ إِنْ فَكَّرْتَ فِيهِمْ ... فَكَيْفَ بِأَنْ تَرَى ثَوْرًا عَلِيمَا
فَجَانِبْهُمْ وَلَا تَعْتِبْ عَلَيْهِمُ ... وَكُنْ لِلْكُتْبِ دُونَهُمُ نَدِيمَا
٢٩٠ - وَقَالَ آخَرُ:
[البحر البسيط]
الْعِلْمُ بَلَّغَ قَوْمًا ذِرْوَةَ الشَّرَفِ ... وَصَاحِبُ الْعِلْمِ مَحْفُوظٌ مِنَ الْخَرَفِ
يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ مَهْلًا لَا تُدَنِّسُهُ ... بِالْمُوبِقَاتِ فَمَا لِلْعِلْمِ مِنْ خَلَفِ
٢٩١ - وَقَالَ آخَرُ:
[البحر الوافر]
لَوْ أَنَّ الْعِلْمَ مُثِّلَ لَكَانَ نُورًا ... يُضَاهِي الشَّمْسَ أَوْ يَحْكِي النَّهَارَا
كَذَاكَ الْجَهْلُ أَظْلَمَ جَانِبَاهُ ... وَنُورُ الْعِلْمِ أَشْرَقَ وَاسْتَنَارَا