جَمَاعَاتٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَحَكَاهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلنَّفْلِ مُفْرَدًا وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَبَعًا لِلْفَرْضِ قَالُوا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا جوز للضرورة ولا ضرورة إلى النفل (١) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَا التَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَعْضُوبُ إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَرْضًا جَازَ وَفِي النَّفْلِ قَوْلَانِ قَالَ الْقَاضِي وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ لَوْ تَوَضَّأَتْ لِلنَّفْلِ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بها الي النفل وهذا الوجه غلط لاشك فِيهِ وَمُخَالِفٌ لِمَا تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ وَقَدْ جُوِّزْت النَّافِلَةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لِلْحَاجَةِ وَالتَّخْفِيفِ فَالتَّيَمُّمُ أَوْلَى فَإِنَّهُ بَدَلٌ وَلَا تَفْرِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنَّمَا التَّفْرِيعُ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ نَافِلَةٍ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ حنس النَّوَافِلِ مَا شَاءَ إلَى أَنْ يُحْدِثَ وَلَهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا اسْتَبَاحَا الْقِرَاءَةَ وَاللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ وَحَلَّ وَطْؤُهَا لِأَنَّ النَّافِلَةَ آكَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى الطَّهَارَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَلَهُ أن يصلى على جائز سَوَاءٌ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَفِيهِ وَجْهٌ أنه لا يَسْتَبِيحُهَا لِأَنَّهَا فَرْضٌ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَبِحْهَا بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ وَإِلَّا اسْتَبَاحَهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْأَوْجُهِ بِأَدِلَّتِهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ أَمَّا إذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ نَوَى الْجُنُبُ أَوْ الْمُنْقَطِعُ حَيْضُهَا قِرَاءَةَ
الْقُرْآنِ وَاللُّبْثَ فِي المسجد أو نوت استباحة الوطئ فَإِنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ مَا نَوَوْا عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِ الوجه السابق في التيمم للنافلة الْمُجَرَّدَةَ وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَهَلْ يَسْتَبِيحُونَ صَلَاةَ النَّفْلِ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَالشَّاشِيُّ وَآخَرُونَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ كَعَكْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا لَا لِأَنَّ النَّافِلَةَ آكَدُ وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ مَذْكُورٌ فِي التَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ إلَّا إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُسَافِرًا وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ يَحْمِلُهُ وَوَجْهٌ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ مُنْقَطِعَةِ الْحَيْضِ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الوطئ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الْغُسْلِ وَوَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ إنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَإِلَّا فَلَا حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ ضَعِيفَةٌ فَإِذَا قُلْنَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَسْتَبِيحُ النَّافِلَةَ فَفِي اسْتِبَاحَتِهِ الْفَرْضَ الطَّرِيقَانِ السَّابِقَانِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُهُ وَلَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ
(١) هذا التعليل يقتضي انه لا يصح التيمم لنافلة ولا صلاتها بالتيمم الا تبعا ولا استقلالا فافهم اه اذرعى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute