للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نراجعه في ميله وشهرته وَنَقْبَلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ إذَا عَجَزْنَا عَنْ الْعَلَامَاتِ السَّابِقَةِ فَأَمَّا مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَلَا نَقْبَلُ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْعَلَامَةَ حِسِّيَّةٌ وَمَيْلَهُ خَفِيٌّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا نَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الْمَيْلِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ كَسَائِرِ أَخْبَارِهِ وَلِأَنَّ الْمَيْلَ إنَّمَا يَظْهَرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجْهًا أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي هَذَا كَالتَّخْيِيرِ بين الابوين في الحضانة وهذا ليس بشئ لان تخيبره بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ تَخْيِيرُ شَهْوَةٍ لِلرِّفْقِ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ بِخِلَافِ قَوْلِ

الْخُنْثَى فَإِنَّهُ إخْبَارٌ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ وَلَيْسَ مَوْضُوعًا لِلرِّفْقِ وَلِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِبَادَاتِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَهُوَ أَيْضًا لَازِمٌ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَفَرَّعَ أَصْحَابُنَا عَلَى إخْبَارِهِ فُرُوعًا أَحَدُهَا أَنَّهُ إذَا بَلَغَ وَفُقِدَتْ الْعَلَامَاتُ وَوُجِدَ الْمَيْلُ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ لِيُحْكَمَ بِهِ وَيُعْمَلَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ أَثِمَ وَفَسَقَ كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنَّمَا هُوَ بِمَا نَجِدُهُ مِنْ الْمَيْلِ الجبلى ولايجوز الْإِخْبَارُ بِلَا مَيْلٍ بِلَا خِلَافٍ: (الثَّالِثُ) إذَا أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ بِأَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ رَجُلٌ ثُمَّ يَلِدُ بَطَلَ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ حَمْلٌ وَتَبَيَّنَّاهُ كَمَا لَوْ حكمنا بأنه رجل بشئ مِنْ الْعَلَامَاتِ ثُمَّ ظَهَرَ حَمْلٌ فَإِنَّا نُبْطِلُ ذَلِكَ وَنَحْكُمُ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ: وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ فَإِذَا أَخْبَرَ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا رَجُلٌ ثُمَّ يَلِدُ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ قَبُولِ رُجُوعِهِ مَا إذَا وَلَدَ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بأنوثته رجوعه إلَيْهَا وَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِلَا خِلَافٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِالْحَمْلِ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا فَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَلْ يَجْرِي عليه الاحكام الا أن يكذبه الحسن فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ لَا إلَى قَبُولِ الرُّجُوعِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَنْعِ قَبُولِ الرُّجُوعِ هُوَ فِيمَا عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَمَّا هُوَ لَهُ قَطْعًا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ امام الحرمين وأهمله الغزال وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: (الرَّابِعُ) إذَا أَخْبَرَ حُكِمَ بِقَوْلِهِ في جميع الاحكام سواء ماله وما عليه قال إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِأَنَّ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ لَوْ قَالَ بَلَغْتُ صَدَّقْنَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ أَعْرَفُ بِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لِلْخُنْثَى قَرِيبٌ فَأَخْبَرَ بِالذُّكُورَةِ وَإِرْثُهُ بِهَا يَزِيدُ قُبِلَ قَوْلُهُ وَحُكِمَ لَهُ بِمُقْتَضَاهُ: وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَأَخْبَرَ بِالذُّكُورَةِ وَجَبَ لَهُ دِيَةُ رَجُلٍ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ لَوْ أَقَرَّ الْخُنْثَى بَعْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى ذَكَرِهِ بأنه رجل

<<  <  ج: ص:  >  >>