وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُد إنْ نَامَ عَلَى هيئة من هيآت الْمُصَلِّي كَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ وَالْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ لَمْ يَنْتَقِضْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَإِنْ نَامَ مُسْتَلْقِيًا أَوْ مُضْطَجِعًا انْتَقَضَ وَلَنَا قَوْلٌ ان نوم المصلى خاصة لا ينقض كَيْفَ كَانَ كَمَا سَبَقَ وَحَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ
* وَاحْتَجَّ لِأَبِي مُوسَى وَمُوَافِقِيهِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) إلَى آخِرِ الْآيَةِ فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّوْمَ: وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُتَقَدِّمِ (لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ) قَالُوا وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ حَدَثًا فِي عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ أَوْجَبْتُمْ الْوُضُوءَ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ الرِّيحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِالشَّكِّ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ) وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَبِحَدِيثِ صَفْوَانَ (لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ نَوْمٍ) وَهُوَ حديث حسن سَبَقَ بَيَانُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَلِأَنَّ النَّائِمَ غَيْرَ الْمُمَكِّنِ يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ غَالِبًا فَأَقَامَ الشَّرْعُ هَذَا الظَّاهِرَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا أَقَامَ شَهَادَةَ الشَّاهِدَيْنِ الَّتِي تُفِيدُ الظَّنَّ مَقَامَ الْيَقِينِ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِالْآيَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا وَرَدَتْ الْآيَةُ فِي النَّوْمِ أَيْ إذَا
قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ النَّوْمِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَكَذَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ قَالَ وَلَا أَرَاهُ إلَّا كَمَا قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّ الْآيَةَ ذُكِرَ فِيهَا بَعْضُ النَّوَاقِضِ وَبَيَّنَتْ السُّنَّةُ الْبَاقِي وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْبَوْلَ وَهُوَ حَدَثٌ بِالْإِجْمَاعِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي دَفْعِ الشَّكِّ لَا فِي بَيَانِ أَعْيَانِ الْأَحْدَاثِ وَحَصْرِهَا وَلِهَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَزَوَالُ الْعَقْلِ وَهِيَ أَحْدَاثٌ بِالْإِجْمَاعِ وَنَظِيرُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي شَرْحِ أَوَّلِ الْفَصْلِ (لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) وَأَمَّا قَوْلُهُمْ خُرُوجُ الْخَارِجِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَجَوَابُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ هَذَا الظَّاهِرَ كَالْيَقِينِ كَمَا جَعَلَ شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ كَالْيَقِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ يَنْقُضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute