بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَجْمُوعَتَيْنِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَمَّا) مَا يَفْعَلُهُ مُعْظَمُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ دُخُولِهِمْ أَرْضَ عَرَفَاتٍ قَبْلَ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَخَطَأٌ وَبِدْعَةٌ وَمُنَابَذَةٌ لِلسُّنَّةِ
* وَالصَّوَابُ أَنْ يَمْكُثُوا بِنَمِرَةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَيَغْتَسِلُوا بِهَا لِلْوُقُوفِ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ذَهَبَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ إلَى المسجد المسمى إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِيهِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَتَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا كَيْفِيَّةَ الْوُقُوفِ وَشَرْطَهُ وَآدَابَهُ وَمَتَى الدَّفْعُ مِنْ عَرَفَاتٍ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَاسِكِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إلَى الْخُطْبَةِ الَّتِي تَكُونُ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَهَذِهِ الْمَنَاسِكُ الَّتِي يَذْكُرُهَا فِي خُطْبَةِ عَرَفَةَ هِيَ مُعْظَمُ الْمَنَاسِكِ وَيُحَرِّضُهُمْ فِيهَا عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ وَالتَّلْبِيَةِ فِي الْمَوْقِفِ وَيُخَفِّفُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ تَخْفِيفُهَا تَخْفِيفَ الثَّانِيَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَقَلُّ مَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْخُطْبَةِ إلَى الْخُطْبَةِ الْآتِيَةِ قَالَ فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا قَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلسُّؤَالِ
* قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ هَذِهِ الْخُطْبَةِ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ قَدْرَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَيُخَفِّفُهَا جِدًّا وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ في الاذان من شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ بِحَيْثُ يَفْرُغُ مِنْهَا مَعَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ الْأَذَانِ
* هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْبَغَوِيُّ
* وَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ يَفْرُغُ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ
* قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى مُرْتَفِعٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ عَلَى بَعِيرٍ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ضُرِبَتْ لَهُ الْقُبَّةُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ امر بالقصوى فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ) ورواه مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ) فَرُحِلَتْ - بِتَخْفِيفِ الْحَاءِ - أَيْ جُعِلَ الرحل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute