للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

هَلْ يَعُمُّ التَّحْرِيمُ وَالضَّمَانُ مَا يَنْبُتُ مِنْ الْأَشْجَارِ بِنَفْسِهِ وَمَا يُسْتَنْبَتُ أَمْ يَخْتَصُّ بِمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَآخَرُونَ (أَصَحُّهُمَا) وَأَشْهَرُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ (وَأَصَحُّ) الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْجُمْهُورِ مِنْ غَيْرِهِمْ التَّعْمِيمُ

(وَالثَّانِي)

التَّخْصِيصُ وَبِهِ قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) الْقَطْعُ بِالتَّعْمِيمِ

وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِمَا وَآخَرُونَ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَشَجَرُ الْحَرَمِ حَرَامٌ سَوَاءٌ نَبَتَ بِنَفْسِهِ أو أنبته آدمى

* قال وحكي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا يَحْرُمُ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ دُونَ مَا أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ

* قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَإِنَّمَا أُخِذَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَلَوْ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ إذَا كَانَ لَا مَالِكَ لَهُ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالِكٌ فَلَا جَزَاءَ

* قَالَ أَبُو حامد وهذا ليس بشئ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الشَّجَرَ الَّذِي لَا مَالِكَ لَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْجَزَاءُ فَقَطْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ أَوْ الْقِيمَةَ هَذَا كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ وَقَطَعَ الْمَاسَرْجِسِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ مَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ مِنْ التَّمْرِ كَالْعِنَبِ وَالنَّخْلِ وَالتُّفَّاحِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهَا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ هَذَا عَلَيْهِمْ وَقَالَ هَذَا خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَخِلَافُ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ التَّحْرِيمَ وَالضَّمَانَ عَامٌّ فِي الْجَمِيعِ وَهَكَذَا نَقَلَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي شَجَرِ السَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ وَسَائِرِ مَا أَنْبَتَهُ الْأَرْضُ مِنْ الثِّمَارِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ التَّعْمِيمُ فَإِذَا قُلْنَا بِالضَّعِيفِ وَهُوَ التَّخْصِيصُ زِيدَ فِي الضَّابِطِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ قَيْدٌ آخَرُ وَهُوَ كَوْنُ الشَّجَرِ مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَعَلَى هَذَا القول يحرم الادراك وَالطَّرَفَا وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَشْجَارِ الْبَوَادِي دُونَ التِّينِ وَالْعِنَبِ وَالتُّفَّاحِ وَالصَّنَوْبَرِ وَسَائِرِ مَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ سَوَاءٌ كَانَ مُثْمِرًا كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ غَيْرُهُ كالحلان وَأَدْرَجَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي هَذَا الْقَسَمِ الْعَوْسَجَ

* وَأَنْكَرَ الْأَصْحَابُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ذُو شَوْكٍ وقد سبق اتفاق على ان ماله شَوْكٌ لَا يَحْرُمُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ

* وَعَلَى هذا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ التَّخْصِيصُ لَوْ نَبَتَ مَا يُسْتَنْبَتُ أَوْ عَكْسُهُ فَوَجْهَانِ (الصَّحِيحُ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْجِنْسِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ

(وَالثَّانِي)

وَهُوَ قَوْلُ أبى العباس بن العاص فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْقَصْدِ فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ التَّعْمِيمُ فَجَمِيعُ الشَّجَرِ حَرَامٌ سَوَاءٌ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَمَا أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ وَالْمُثْمِرُ وَغَيْرُهُ إلَّا الْعَوْسَجَ وَسَائِرَ شَجَرِ الشَّوْكِ وَكَذَا مَا قَطَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>