الْمَحْلُوقِ يُتِمُّ بِإِخْرَاجِ الْفِدْيَةِ فَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِإِخْرَاجِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ عَلَى الْحَالِقِ فَمَاتَ أَوْ أُعْسِرَ فلا شئ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَلَوْ أَخْرَجَ الْمَحْلُوقُ الْفِدْيَةَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَالِقِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ أَدَّى زَكَاتَهُ وَكَفَّارَتَهُ بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ (الْأَصَحُّ) لَا يُجْزِئُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَجْهًا وَاحِدًا وَبِهَذَا الْوَجْهِ قَطَعَ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ شَبِيهَةٌ بِالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْعِبَادَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (أَمَّا) إذَا قُلْنَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ إنْ كَانَ الْحَالِقُ حَاضِرًا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلِلْمَحْلُوقِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْحَالِقِ وَيُخْرِجُهَا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِلْزَامِ الْمَحْلُوقِ بِإِخْرَاجِهَا ثُمَّ الرُّجُوعُ عَلَى الْحَالِقِ مَعَ إمْكَانِ الْأَخْذِ مِنْ الْحَالِقِ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ
* وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْحَالِقِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَهُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَقَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ بِالْهَدْيِ أَوْ الْإِطْعَامِ دُونَ الصِّيَامِ هَكَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ مُتَحَمِّلٌ لِهَذِهِ الْفِدْيَةِ عَنْ غَيْرِهِ وَالصَّوْمُ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّحَمُّلُ
* وَإِنْ غَابَ الْحَالِقُ أَوْ أَعُسِرَ لَزِمَ الْمَحْلُوقَ أَنْ يَفْدِيَ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْ الْفَرْضِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَلَهُ هُنَا أَنْ يَفْدِيَ بِالْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ والصيام واطلق الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ بِالْإِطْعَامِ وَالْهَدْيِ وَالصِّيَامِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ وُجُودِ الْحَالِقِ وَعَدَمِهِ وَقَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصِّيَامُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُتَحَمِّلٌ
* وَإِذَا فَدَى الْمَحْلُوقُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ نُظِرَتْ فَإِنْ فَدَى بِالطَّعَامِ أَوْ الْهَدْيِ رَجَعَ بِأَقَلِّهِمَا قِيمَةً لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا فَعُدُولُهُ إلَى أَكْثَرِهِمَا تَبَرُّعٌ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجَمَاهِيرُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ وجهين
(أحدهما)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute