فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِ الْمِلْكِ وَالرُّجُوعِ فِيهِ بَلْ يُنْتَقَضُ الْمِلْكُ أَوْ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ حَصَلَ ثُمَّ انْتَقَضَ قَالَ وَلَيْسَ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّ الرَّاجِعَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَدَامَ مِلْكَ الْمُتَّهَبِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ لِأَنَّ الْقَابِضَ هُنَا لَمْ يَمْلِكْ إلَّا بِسَبَبِ الزَّكَاةِ فَإِذَا لَمْ تَقَعْ زَكَاةٌ زَالَ الْمِلْكُ ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الرُّجُوعِ بِأَرْشِ النقص أو الزيادة المنفصلة هو فيما إذ اجرت الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ قَبْلَ حُدُوثِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ فَأَمَّا إذَا جَرَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا لِلرَّاجِعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ أَوْ تَلَفٌ بَعْدَ سَبَبِ الرُّجُوعِ فَالْوَجْهُ عِنْدِي وُجُوبُ الضَّمَانِ لِأَنَّ
الْعَيْنَ لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ ثُمَّ حَدَثَ سَبَبُ الرُّجُوعِ ضَمِنَهَا فَتَلَفُهَا بَعْدَهُ أَوْلَى بِوُجُوبِ الضَّمَانِ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ سَوَاءٌ تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ أَوْ بَعْدَهُ وَلِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَنْ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ دَفَعَ زَكَاةً فَإِذَا لَمْ يَقَعْ عَنْهَا فَهُوَ مَضْمُونٌ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَذَكَرَ الصَّيْدَلَانِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَشْهِدُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِأَرْشِهِ إذَا رَجَعَ فِي الْعَيْنِ بِمَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَقَبَضَهُ وَسَلَّمَ ثَمَنَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالثَّوْبِ فَرَدَّهُ وَصَادَفَ الثَّمَنَ نَاقِصَ الصِّفَةِ قَالَ يَأْخُذُهُ نَاقِصًا وَلَا شئ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ النَّقْصِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا مشكل فانه لو قد تَلَفُ الثَّمَنِ رَجَعَ بِبَدَلِهِ فَإِلْزَامُهُ الرِّضَا بِهِ مَعِيبًا بَعْدَ الرَّدِّ بَعِيدٌ (قُلْتُ) الصَّوَابُ الْمُتَعَيَّنُ قَوْلُ الْقَفَّالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ بَعِيرَيْنِ أَوْ شَاتَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ وَوُجِدَ سَبَبُ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِي الْبَاقِي وَبَدَلِ التَّالِفِ وَفِي بَدَلِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ قَرِيبًا (الْأَصَحُّ) قِيمَتُهُ (وَالثَّانِي) مِثْلُهُ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ الْمَاوَرْدِيُّ
الْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْقَابِضَ يَمْلِكُ الْمُعَجَّلَ مِلْكًا تَامًّا وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَفِيهِ وَجْهٌ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَرَضَ مَانِعٌ تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْمِلْكِ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا الْمِلْكَ فَلَوْ بَاعَ الْقَابِضُ ثُمَّ طَرَأَ الْمَانِعُ (فَإِنْ قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ اسْتَمَرَّ الْبَيْعُ عَلَى صِحَّتِهِ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً فَأَرَادَ الْقَابِضُ رَدَّ بَدَلِهَا دُونَهَا (فَإِنْ قُلْنَا) بِالْوَقْفِ فَلَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ فَفِي جَوَازِ الا بدال الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي مِثْلِهِ فِي الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ أَمْ بِالتَّصَرُّفِ (فَإِنْ قُلْنَا) بِالتَّصَرُّفِ فَلَيْسَ لَهُ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْقَبْضِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَيْسَ لَهُ
(وَالثَّانِي)
لَهُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إذَا أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ فَفِيهِ تَقْدِيرَانِ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِمَا الْأَصْحَابُ وَحَوَّمَ عَلَيْهِمَا صَاحِبُ التَّقْرِيبِ (أَحَدُهُمَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute