أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمَتَانِ قَالَ الْفُورَانِيُّ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَقَالَ فِي الْأُمِّ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ يَبْدَأُ بِهَا إلَى يَمِينِهِ وَيَخْتِمُهَا مُلْتَفِتًا إلَى يَسَارِهِ فَيُدِيرُ وَجْهَهُ وَهُوَ فِيهَا هَذَا نَصُّهُ وَقِيلَ يَأْتِي بِهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَهُوَ أَشْهَرُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي صِفَةِ الِالْتِفَاتِ يَجْرِي فِي سائر الصلوات إذا قلنا يقتصر على تَسْلِيمَةً فَهَذَانِ نَصَّانِ لِلشَّافِعِيِّ وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ (أَحَدُهُمَا) طريقة المصنف والعراقيين وبضع الْخُرَاسَانِيِّينَ أَنَّ التَّسْلِيمَ هُنَا كَالتَّسْلِيمِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَيَكُونُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَصَحُّهَا) يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمَتَانِ
(وَالثَّانِي)
تَسْلِيمَةً (وَالثَّالِثُ) إنْ قَلَّ الْجَمْعُ أو صغر المسجد فيسلم وَإِلَّا فَتَسْلِيمَتَانِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إنْ قُلْنَا هُنَاكَ تَسْلِيمَةً فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) تَسْلِيمَتَانِ وَهَذَا الطَّرِيقُ أَصَحُّ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ هُنَاكَ قَوْلٌ قَدِيمٌ وَهُنَا هُوَ نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ وَإِذَا قُلْنَا تَسْلِيمَةً فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (وَالثَّانِي) يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى السَّلَامِ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ ولو قال السلام عليكم من غيرهم ضَمِيرُ الْجَمْعِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُمْهُورُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي إجْزَائِهِ تَرَدُّدًا وَالْمَذْهَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ يُشَرَّعُ فِي السَّلَامِ هُنَا مَا يُشَرَّعُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله
* {إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ وَقَدْ سَبَقَهُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَدَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ما ادركتم فصلوا " وَيَقْرَأُ مَا يَقْتَضِيَهُ تَرْتِيبُ صَلَاتِهِ لَا مَا يَقْرَأُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَقْتَضِيهِ تَرْتِيبُ صَلَاتِهِ مَعَ الْمُتَابَعَةِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ أَتَى بِمَا بَقِيَ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ
فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ قَبْلَ أَنْ يَفْرَغَ فَلَا مَعْنًى لِلدُّعَاءِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمَيِّتِ وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيُسَلِّمُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي لِأَنَّ غِيبَةَ الْمَيِّتِ لَا تَمْنَعُ فِعْلَ الصَّلَاةِ}
* {الشَّرْحُ} هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (وَقَوْلُهُ) نَسَقًا - بِفَتْحِ السِّينِ - أَيْ مُتَتَابِعَاتٍ بِغَيْرِ ذِكْرٍ بَيْنَهُنَّ (وَقَوْلُهُ) كَبَّرَ وَدَخَلَ مَعَهُ فِي الْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرُ تكبيرته الأخرى فيكبر معه خلافا لأبي حنيفة وموافيقه فِي قَوْلِهِمْ يَنْتَظِرُ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا وَجَدَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَبَّرَ فِي الْحَالِ وَصَارَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute