(فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ صَلَاةِ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ الْعَاجِزِ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ وَرَاءَهُ قُعُودًا وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْحُمَيْدِيُّ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ واحمد واسحق وَابْنُ الْمُنْذِرِ تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ وَرَاءَهُ قُعُودًا وَلَا تَجُوزُ قِيَامًا وَقَالَ مَالِكٌ
فِي رِوَايَةٍ وَبَعْضُ أصحابه تَصِحُّ الصَّلَاةُ وَرَاءَهُ قَاعِدًا مُطْلَقًا
* وَاحْتَجَّ لِمَنْ قال تَصِحُّ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا بِحَدِيثٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا " وَاحْتَجَّ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ
* وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ يَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ فَجَاءَ فَجَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ هَذَا لَفْظُ إحْدَى رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْإِمَامَ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ وَلِقَوْلِهِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَلِقَوْلِهِ يَقْتَدِي بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ " وَقَوْلُهُ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ يَعْنِي أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ إذَا كَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ضَعِيفَ الصَّوْتِ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ الْمَرَضِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ " أَنَّ النبي صل اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ إلَى جَنْبِ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute