مِنْ السُّنَنِ كَالتَّعَوُّذِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالتَّكْبِيرَاتِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَالدَّعَوَاتِ وَالْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَالتَّوَرُّكِ وَالِافْتِرَاشِ وَالسُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةَ وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ الزَّائِدَةِ وَسَائِرِ الْهَيْئَاتِ الْمَسْنُونَاتِ غَيْرِ الْأَبْعَاضِ فَلَا يَسْجُدُ لَهَا سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السجود لشئ مِنْهَا وَالسُّجُودُ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ وَتُخَالِفُ الْأَبْعَاضَ فَإِنَّهُ وَرَدَ التَّوْقِيفُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجُلُوسِهِ وَقِسْنَا بَاقِيَهَا عَلَيْهِ لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي أَنَّهَا سُنَنٌ مُتَأَكَّدَةٌ وَحَكَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَوْلًا قَدِيمًا أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ كُلِّ مَسْنُونٍ ذِكْرًا كَانَ أَوْ فِعْلًا ووجها أَنَّهُ يَسْجُدُ لِنِسْيَانِ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُمَا شَاذَانَ ضَعِيفَانِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ لا يسجد لشئ مِنْهَا غَيْرَ الْأَبْعَاضِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ: أَمَّا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَصِنْفَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا الضَّرْبَةُ وَالضَّرْبَتَانِ وَالْإِقْعَاءُ فِي الْجُلُوسِ وَوَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ وَالْخَاصِرَةِ وَالْفِكْرُ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّظَرُ إلَى مَا يُلْهِي وَرَفْعُ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ وَكَفُّ الثَّوْبِ وَالشَّعْرِ وَمَسْحُ الْحَصَى وَالتَّثَاؤُبُ وَالْعَبَثُ بِلِحْيَتِهِ وَأَنْفِهِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ لَا يُسْجَدُ
لِعَمْدِهِ وَلَا لِسَهْوِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إلَى أَعْلَامِ الْخَمِيصَةِ وَقَالَ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُهَا وَتَذَكَّرَ تِبْرًا كَانَ عِنْدَهُ فِي الصَّلَاةِ وَحَمَلَ أُمَامَةَ وَوَضَعَهَا وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ في الصلاة ولم يسجد لشئ مِنْ ذَلِكَ وَالثَّانِي مَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ كَالْكَلَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الزَّائِدَيْنِ فَهَذَا يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلَاةُ أَمَّا إذَا بَطَلَتْ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا سُجُودَ وَذَلِكَ كَالْأَكْلِ وَالْفِعْلِ وَالْكَلَامِ إذَا أَكْثَرَ مِنْهَا سَاهِيًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَبَقَ وَكَذَلِكَ الْحَدَثُ تَبْطُلُ بِهِ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَلَا سُجُودَ وَإِذَا سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ نَاسِيًا أَوْ قَرَأَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ نَاسِيًا أَوْ قَرَأَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقِرَاءَةِ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ أَوْ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ إنَّ قِرَاءَتَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا عَمْدًا لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَنَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَا يُسْجَدُ لَهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعَبْدَرِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلَّا أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ الْأَصْحَابُ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَالتَّشَهُّدُ أَرْكَانٌ طَوِيلَةٌ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهَا قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا تَطْوِيلُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ أَصْحَابُنَا الْخُرَاسَانِيُّونَ وَالِاعْتِدَالُ عَنْ الرُّكُوعِ رُكْنٌ قَصِيرٌ أُمِرَ الْمُصَلِّي بِتَخْفِيفِهِ فَلَوْ أَطَالَهُ عَمْدًا بِالسُّكُوتِ أَوْ الْقُنُوتِ حَيْثُ لَمْ يُشْرَعْ أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا حَيْثُ وَرَدَ الشَّرْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute