تَحْرِيرًا وَافِيًا رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَجْزَلَ مَثُوبَتَهُ وَقَدْ تابعه علي هذا الامام المحقق أبو عمر وبن الصَّلَاحِ فَقَالَ بَعْد أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ هَذَا الْإِقْعَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يديه علي الارض وهذا الافعاء غَيْرُ مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَذَلِكَ الْإِقْعَاءُ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ قَاعِدًا عَلَيْهَا وَعَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَقَدْ اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْبُوَيْطِيُّ قَالَ وَقَدْ خَبَطَ فِي الْإِقْعَاءِ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَوْعَانِ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ وَفِيهِ فِي فِي الْمُهَذَّبِ تَخْلِيطٌ: هَذَا آخِرُ كَلَامِ أَبِي عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ وهذا الَّذِي حَكَاهُ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ قَدْ حَكَاهُ عَنْهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَأَمَّا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ فَلَمْ يحصل له ما حصل للبيهقي وخلاف فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَادَتَهُ فِي حَلِّ الْمُشْكِلَاتِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ بَلْ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ وَأَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ وَأَنَّهُ عَقِبُ الشَّيْطَانِ وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ وَوَائِلِ بْنُ حُجْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَعَدَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
مُفْتَرِشًا قَدَمَهُ الْيُسْرَى " قَالَ وَرَوَيْتُ كَرَاهَةَ الْإِقْعَاءِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ واحمد واسحق وَأَهْلُ الرَّأْيِ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ وَالْإِقْعَاءُ ان يضع اليتيه علي عقبيه ويعقد مُسْتَوْفِزًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ إلَى الْأَرْضِ وَهَذَا إقْعَاءُ الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَهْلُ مكة يستعلمون الْإِقْعَاءَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْسُوخًا وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَهُوَ فَاسِدٌ من وجه (مِنْهَا) أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ فِيهِ وَادَّعَى أَيْضًا نَسْخَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالنَّسْخُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَعَلِمْنَا التَّارِيخَ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ هُنَا الْجَمْعُ بَلْ أَمْكَنَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَمْ يُعْلَمْ أَيْضًا التَّارِيخُ وَجَعَلَ أَيْضًا الْإِقْعَاءَ نَوْعًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعَانِ فَالصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو
(أَحَدُهُمَا)
مَكْرُوهٌ (وَالثَّانِي) جَائِزٌ أَوْ سُنَّةٌ وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَحَادِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ وَوَائِلٍ وَغَيْرِهِمَا فِي صِفَةِ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووصفهم الاقتراش عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى فَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ فِي الصَّلَاةِ أَحْوَالٌ حَالٌ يَفْعَلُ فِيهَا هَذَا وَحَالٌ يَفْعَلُ فِيهَا ذَاكَ كَمَا كَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ فِي تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِهَا وَكَمَا تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَكَمَا طَافَ رَاكِبًا وَطَافَ مَاشِيًا وَكَمَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَهُ وَأَوْسَطَهُ وَانْتَهَى وِتْرُهُ إلى الحسر وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute