للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) وَاللَّيْلُ لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ فِيهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ الَّتِي اُحْتُجَّ لَهُ بِهَا فَلَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ الشَّمْسَ آيَةٌ لِلنَّهَارِ وَلَمْ يَنْفِ كَوْنَ غَيْرِهَا آيَةً فَإِذَا قَامَتْ الدَّلَائِلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ مِنْ النَّهَارِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا وَلِأَنَّ الْآيَةَ الْعَلَامَةُ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يقارن جميع الشئ كَمَا أَنَّ الْقَمَرَ آيَةُ اللَّيْلِ وَلَا يَلْزَمُ مُقَارَنَتُهُ لِجَمِيعِ اللَّيْلِ وَأَمَّا الشِّعْرُ فَقَدْ نَقَلَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ إمَامُ اللُّغَةِ أَنَّ النَّهَارَ هُوَ الضِّيَاءُ الَّذِي بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ وَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنَّهُ أَرَادَ قَرِيبَ آخِرِ كُلِّ لَيْلَةٍ لَا آخِرَهَا حَقِيقَةً فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ) قُلْنَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْوَ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَأَلْتُ عَنْهُ أَبَا الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا وَلَا فَاسِدًا مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مُعْظَمُ صَلَوَاتِ النَّهَارِ وَلِهَذَا يُجْهَرُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ لَا مِنْ اللَّيْلِ وَلَا مِنْ النَّهَارِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النهار ويولج النهار في الليل) فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

(فَرْعٌ)

لِصَلَاةِ الصُّبْحِ اسْمَانِ الْفَجْرُ وَالصُّبْحُ جاء القرآن بِالْفَجْرِ وَالصُّبْحِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ في الاول أُحِبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى إلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الاسمين لا أُحِبُّ أَنْ تُسَمَّى الْغَدَاةَ هَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَكَذَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالُوا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا صُبْحًا وَفَجْرًا وَلَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا غَدَاةً وَلَمْ يَقُولُوا تُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا غَدَاةً وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وشيخه القاضى أبو الطَّيِّبِ يُكْرَهُ أَنْ تُسَمَّى غَدَاةً غَرِيبٌ ضَعِيفٌ لَا دَلِيلَ لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ مَا ثَبَتَ فِيهِ نَهْيٌ غَيْرُ جَازِمٍ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْغَدَاةِ نهى بل اشهر اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْغَدَاةِ فِيهَا فِي الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الْفَجْرُ وَالصُّبْحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>