للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واما ابن عيينة فهو أبو محمد سفين بْنُ عُيَيْنَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ الْهِلَالِيُّ كُوفِيٌّ سَكَنَ مَكَّةَ وَكَانَ إمَامَ أَهْلِهَا فِي عَصْرِهِ وهو أحد شيوخ الشافعي أحد أَجْدَادِنَا فِي سِلْسِلَةِ التَّفَقُّهِ سَمِعَ خَلَائِقَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ

رَوَى عَنْهُ الْأَعْمَشُ وَهُوَ تَابِعِيٌّ وَأَحَدُ شُيُوخِهِ وَخَلَائِقُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَوَكِيعٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْقُرْآنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ فِيهِ مِنْ آلَةِ الْعِلْمِ مَا في سفين بْنِ عُيَيْنَةَ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ تَفْسِيرًا للحديث منه روينا عن سفين قَالَ قَرَأْت الْقُرْآنَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وكتبت الحديث وانا ابن سبع سنين وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ يَوْمَ السَّبْتِ غُرَّةَ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

* (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) فِي الْأَحْكَامِ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ مَغِيبُ الشَّفَقِ وَاخْتَلَفُوا فِي الشَّفَقِ هَلْ هُوَ الْحُمْرَةُ أَمْ الْبَيَاضُ وَسَنَذْكُرُ فِيهِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ الْحُمْرَةُ دُونَ الْبَيَاضِ وَأَمَّا الصُّفْرَةُ الَّتِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ وَقَبْلَ الْبَيَاضِ فَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيهَا فَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ دُونَ الصُّفْرَةِ وَالْبَيَاضِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعِشَاءِ بِزَوَالِ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُمَا بِمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ الَّتِي فِي الْمَغْرِبِ فَإِذَا ذَهَبَتْ الْحُمْرَةُ وَلَمْ يُرَ مِنْهَا شئ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهَا وَمَنْ افْتَتَحَهَا وَقَدْ بَقِيَ من الحمرة شئ أَعَادَهَا فَهَذَا لَفْظُهُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِأَنَّ الْحُمْرَةَ تَرِقُّ وَتَسْتَحِيلُ لَوْنًا آخَرَ بِحَيْثُ يُعَدُّ بَقِيَّةً لِلَوْنِ الْحُمْرَةِ وَفِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا وَلَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ وَهَكَذَا عِبَارَاتُ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَدْخُلُ الْوَقْتُ بمغيب الحمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>