تَصْحِيحُ ضَمَانُهُ بِالْمِثْلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَرَمِ مِسْكِينٌ لَمْ يَجُزْ النَّقْلُ كَمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ عَلَى مَسَاكِينِ بَلَدٍ فَلَمْ يَجِدْهُمْ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَهُمْ، وَلَوْ أَطْعَمَ بَدَلًا عَنْ الشَّاةِ وَجَبَ صَرْفُ الطَّعَامِ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ يَأْتِي بِهِ حَيْثُ شَاءَ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: حَيْثُ رَامَا؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لِلْمَسَاكِينِ فِيهِ، لَكِنَّهُ فِي الْحَرَمِ أَوْلَى لِشَرَفِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِذَا صَرَفَ الطَّعَامَ لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، وَالنَّقْصُ مِنْهُ. اهـ. وَمَحَلُّهُ فِي دَمِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا دَمُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ وَنَحْوِهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ صَاعٍ كَمَا مَرَّ
(أَفْضَلُهَا) أَيْ وَأَفْضَلُ أَرْضِ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ مَا قَدْ بَيَّنَّا) مِنْ الدِّمَاءِ (فِي الْعُمْرَةِ الْمَرْوَةُ وَ) فِي (الْحَجِّ) ، وَلَوْ دَمَ تَمَتُّعٍ (مِنَى) ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِ الْمُعْتَمِرِ، وَالْحَاجِّ، وَكَذَا حُكْمُ مَا يَسُوقَانِهِ تَقَرُّبًا مِنْ الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ، وَغَيْرِهِ، وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ قَضَاءً وَإِلَّا فَقَدْ فَاتَ فَإِنْ ذَبَحَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ وَيُسَنُّ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ بِنُسُكٍ أَنْ يُهْدِيَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهْدَى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ» ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالنَّذْرِ فَإِنْ أَهْدَى بَدَنَةً، أَوْ بَقَرَةً اُسْتُحِبَّ أَنْ يُقَلِّدَهَا بِنَعْلَيْنِ وَلِيَكُنْ لَهُمَا قِيمَةٌ لِيَتَصَدَّقَ بِهِمَا وَأَنْ يُشْعِرَهَا، وَالْإِشْعَارُ الْإِعْلَامُ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَضْرِبَ صَفْحَةَ سَنَامِهَا الْيُمْنَى بِحَدِيدَةٍ وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةَ الْقِبْلَةِ فَيُدْمِيَهَا وَيُلَطِّخَهَا بِالدَّمِ لِيَعْلَمَ مَنْ رَآهَا أَنَّهَا هَدْيٌ، فَلَا يَتَعَرَّضَ لَهَا، وَإِنْ أَهْدَى غَنَمًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُقَلِّدَهَا بِخَرِبِ الْقِرَبِ وَهِيَ: عُرَاهَا وَآذَانُهَا لَا بِالنَّعْلِ، وَلَا يُشْعِرُهَا؛ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ (وَعَشْرُ عِيدِ النَّحْرِ مَعْلُومَاتُ) أَيْ: هُوَ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْقُرْآنِ.
(وَمَا) أَيْ: وَالْأَيَّامُ الَّتِي تُنْسَبُ (لِتَشْرِيقٍ) وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ (فَمَعْدُودَاتُ) أَيْ: فَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَوْ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُمَا الْأَصْحَابُ هُنَا لِاخْتِصَاصِ غَالِبِ الْمَنَاسِكِ بِهِمَا أُصُولُهَا بِالْمَعْلُومَاتِ وَتَوَابِعُهَا بِالْمَعْدُودَاتِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَسُمِّيَتْ الْأُولَى مَعْلُومَاتٍ لِلْحِرْصِ عَلَى عِلْمِهَا بِحِسَابِهَا لِأَجْلِ أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا، وَالثَّانِيَةُ مَعْدُودَاتٍ لِقِلَّتِهَا كَقَوْلِهِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ مَا تَقَرَّرَ، وَأَمَّا الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا نَقَلَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَرَمِ مِسْكِينٌ إلَخْ) لَوْ كَانَ فَقْدُ الْمَسَاكِينِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَيَنْبَغِي إذًا
(قَوْلُهُ: مِنْ الْهَدْيِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ دَمٌ فَالْأَفْضَلُ لَهُ ذَبْحُ هَدْيِهِ بِالْمَرْوَةِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ عَنْهُمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ كَمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْحَجِّ أَنْ يَذْبَحَ قَبْلَ الْحَلْقِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ دَمٌ اُنْظُرْ صُورَتَهُ فَإِنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لَازِمٌ لَهُ وَهَلْ صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ . (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَبْحِهِ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، إذَا عَيَّنَهُ لَهُ، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ يَوْمًا آخَرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ. اهـ. وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ تَعْيِينُ يَوْمٍ آخَرَ بِالنَّذْرِ بَلْ يَجْرِي فِي التَّطَوُّعِ بِأَنْ يَسُوقَهُ مَعَ تَعْيِينِ يَوْمٍ آخَرَ لِذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ سَهُلَتْ مُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الِاخْتِصَاصِ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، إذَا لَمْ يُعَيِّنْ يَوْمًا آخَرَ بِأَنَّا لَا شَكَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَحْرَمَ بِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَسَاقَ الْهَدْيَ إنَّمَا قَصَدَ ذَبْحَهُ عَقِبَ تَحَلُّلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ بِمَكَّةَ حَيًّا وَيَرْجِعُ لِلْمَدِينَةِ. اهـ. وَذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَيَّنَّ وَقْتًا آخَرَ خُصُوصًا إنْ اكْتَفَوْا بِالتَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَقْيِيدِ مَا ذُكِرَ بِالنَّذْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَذَرَ الْهَدْيَ وَعَيَّنَ وَقْتًا آخَرَ. وَالْوَاقِعَةُ وَاقِعَةٌ يَسْقُطُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا بِالِاحْتِمَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: صَفْحَةَ سَنَامِهَا) أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْ مَحَلِّهِ فِي الْبَقَرَةِ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا الْأَيَّامُ) وَفِي نُسْخَةٍ هُوَ. (قَوْلُهُ: أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ وَقْتَ أَعْمَالِهِ فِي آخِرِهَا وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَاللَّيْلَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْوُقُوفُ وَبَقِيَّةُ الْأَعْمَالِ كَالطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ وَقْتَ مُعْظَمِ أَعْمَالِهِ وَهُوَ الْوُقُوفُ فِي آخِرِهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُ ذَلِكَ سم. (قَوْلُهُ: تُنْسَبُ لِتَشْرِيقِ) يَجُوزُ أَنَّ نِسْبَتَهَا
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: الْخِلَافُ) أَيْ: الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ كِلَاهُمَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ مُتَقَوِّمٍ فَإِنْ فُرِّعَا عَلَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيَنْبَغِي تَصْحِيحُ ضَمَانِهِ بِالْمِثْلِ هَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ دَمَ تَمَتُّعٍ) دُونَ الدِّمَاءِ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي عُمْرَتِهِ بِفِعْلٍ حَرَامٍ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فَإِنَّهُ يَذْبَحُهَا بِالْمَرْوَةِ وَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ التَّمَتُّعَ. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَاحْتَجَّ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَتَالِيَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيَشْهَدُوا} [الحج: ٢٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute