للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا، أَمَّا إذَا بَاعَهُمَا مِنْ نَفْسِهِمَا بِأَنْ بَاعَ كُلًّا مِنْ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعُلِمَ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِهِمَا بُطْلَانُ رَهْنِهِمَا وَهِبَتِهِمَا وَالْوَصِيَّةِ بِهِمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهَا فِي مَحَالِّهَا قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً جَازَ جَمِيعُ ذَلِكَ.

(وَاسْتَخْدَمَ) السَّيِّدُ (الِاثْنَيْنِ) أَيْ: أُمَّ الْوَلَدِ وَوَلَدَهَا الْمَذْكُورَ لِمُلْكِهِ لَهُمَا وَلِمَنَافِعِهِمَا كَالْقِنِّ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا لِتَأَكُّدِ حَقّ الْعِتْق فِيهِمَا (وَالْإِيجَارُ لَهُ) أَيْ: وَلَهُ إيجَارُهُمَا (وَوَطْءُ الْأُمِّ) لَا بِنْتِهَا لِحُرْمَتِهَا بِوَطْءِ أُمِّهَا (وَ) لَهُ (الْإِجْبَارُ) لَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ (وَالْأَرْشُ مِنْ جَانٍ) عَلَيْهِمَا كَالْقِنَّةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَوْ بَعْضُهُ لِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَكُونَ الْمُسْتَوْلَدَةُ مُكَاتَبَةً، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَادِ، أَوْ مُسْلِمَةً وَالْمُولَدُ كَافِرًا.

(وَحَيْثُ يَدَّعِي) فِي مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَتَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِوَلَدٍ (إيلَادَهَا كُلُّ شَرِيكٍ مُوَسَّعِ) أَيْ: مُوسِرٍ (قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا لِيَسْرِيَ إيلَادُهُ إلَى بَقِيَّتِهَا (فَإِنْ يَأْسُ بَيَانٍ حَصَلَا) أَيْ: فَإِنْ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ بَيَانِ الْقَبْلِيَّةَ (تَعْتِقُ) الْأَمَةُ (إنْ مَاتَا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعِتْقِ، وَلَا يَعْتِقُ بَعْضُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لِجَوَازِ كَوْنِهَا مُسْتَوْلَدَةً لِلْآخَرِ، وَنَفَقَتُهَا فِي الْحَيَاةِ عَلَيْهِمَا (وَيُوقَفُ الْوَلَا) بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (قُلْتُ وَبِاسْتِيلَادِ كُلِّ شَطْرِ) أَيْ: نِصْفٍ (يُقْضَى) أَيْ: يُحْكَمُ (لِمَنْ يَمْلِكُهُ فِي) حَالَةِ (الْعُسْرِ) فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَإِذَا مَاتَا عَتَقَتْ كُلُّهَا (وَالْعَصَبَاتُ) أَيْ: عَصَبَاتُهُمَا (فِي الْوَلَا سَوِيَّهْ) ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَقَطْ ثَبَتَ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَالنِّزَاعُ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ فَنِصْفُ نَفَقَتِهَا عَلَى الْمُوسِرِ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ فَإِذَا مَاتَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَوَلَاءُ نِصْفِهَا لِعَصَبَتِهِ وَوُقِفَ وَلَاءُ النِّصْفِ الْآخَرِ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَبْقَ الْآخَرِ وَهُمَا مُوسِرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرٌ فَقَطْ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُنْفِقَانِ عَلَيْهَا فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ، وَعَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ لِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَوُقِفَ وَلَاءُ الْكُلِّ، وَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلًا عَتَقَتْ كُلُّهَا نَصِيبُهُ بِمَوْتِهِ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ، وَنَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْمُوسِرِ فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَوَلَاءُ نَصِيبِهِ لِعَصَبَتِهِ، وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ مَوْقُوفٌ وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ، أَوْلَدَهَا قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِوَقْفِ الْإِحْبَالِ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ.

(هَذَا تَمَامُ الْبَهْجَةِ الْوَرْدِيَّةْ) نِسْبَةً إلَى الْوَرْدِيِّ الْمَعْرُوفِ بِهِ وَالِدُ نَاظِمِهَا كَمَا مَرَّ أَوَّلَهَا (خَتَمْتُهَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَرَّغْتُهَا (بَعْدَ الثَّلَاثِينَ) سَنَةً (الَّتِي مِنْ بَعْدِ سَبْعِمِائَةٍ قَدْ خَلَتْ) أَيْ: مَضَتْ (فَإِنْ تَعِبْهَا، أَوْ تَضَعْ) أَيْ: تَحُطَّ (مِنْهَا الْعِدَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا أَيْ: الْأَعْدَاءُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا) فِي التَّقْرِيبِ لِلنَّوَوِيِّ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَيْ: الصَّحَابِيِّ «كُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَوْ وَهُوَ فِينَا، أَوْ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إلَى أَنْ قَالَ: فَكُلُّهُ مَرْفُوعٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: جَازَ جَمِيعُ ذَلِكَ) قَدْ يُؤْخَذُ بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهِيَ لَوْ سُبِيَتْ صَارَتْ قِنَّةً، وَجَازَ فِيهَا جَمِيعُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهَا فِي الْحَيَاةِ عَلَيْهِمَا) فَإِذَا بَانَ السَّابِقُ رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ إنْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: هَذَا تَمَامُ) أَيْ: مُتَمِّمُ الْبَهْجَةِ الْوَرْدِيَّةِ هَذَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ: وَالْعَصَبَاتُ فِي الْوَلَاءِ سَوِيَّةٌ، أَوْ إلَى مَعْنَاهُ، أَوْ الْمَجْمُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسَمَّى الْكُتُبِ الْأَلْفَاظُ أَوْ الْمَعَانِي، أَوْ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ قُلْت: مُقْتَضَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْعَصَبَاتُ فِي الْوَلَاءِ سَوِيَّةٌ تَمَامُهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَا بَعْدَهُ مِنْهَا وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُسَمَّى الْكِتَابِ مِنْ الْبَسْمَلَةِ إلَى آخِرِ كَلِمَةٍ فِيهِ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَمَامُ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الثَّلَاثِينَ) صَادِقٌ بِأَوَّلِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ وَبِآخِرِهَا، وَبِمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَضَعْ مِنْهَا الْعِدَا) لَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَضْعِ مِنْهَا نِسْبَتُهَا إلَى الْمَقْصُودِ عَنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: لَا نَرَى إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ لَا نَرَى بِالنُّونِ لَا بِالْيَاءِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ. اهـ. وَقَوْلُ الْحَاكِمِ يُحْتَمَلُ إلَخْ أَشَارَ م ل ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>