فَصْلٌ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا أَيْ تَوْكِيلًا لَمْ يُقَيَّدْ (لَيْسَ لَهُ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ (الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا بِنَسِيئَةٍ، وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا فَيُغْتَفَرُ فِيهِ فَبَيْعُ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ مُحْتَمَلٌ، وَبِثَمَانِيَةٍ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ. (فَلَوْ بَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَلَهُ بَيْعُهُ، بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَإِذَا بَاعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ غَرِمَ الْمُوَكِّلُ قِيمَتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ لُزُومِ الْبَيْعِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمُعَامَلَةِ بَاعَ بِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ فِيهِمَا. وَقَابَلَ الْمُصَنِّفُ التَّوْكِيلَ الْمُطْلَقَ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا وَقَدَّرَ الْأَجَلَ فَذَاكَ) أَيْ التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ جَزْمًا، وَيَتْبَعُ مَا قَدَّرَهُ فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ كَأَنْ بَاعَ إلَى شَهْرٍ بِمَا قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ بِهِ إلَى شَهْرَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ، (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْأَجَلَ (صَحَّ) التَّوْكِيلُ (فِي الْأَصَحِّ، وَحُمِلَ) الْأَجَلُ (عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مِثْلِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ رَاعَى الْوَكِيلُ الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِاخْتِلَافِ الْفَرْضِ بِتَفَاوُتِ الْآجَالِ طُولًا وَقِصَرًا. فَرْعٌ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِكَمْ شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَلَا يَجُوزُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَلَوْ قَالَ: بِمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ وَمَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ وَمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) وَكَذَا بِالشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَوْكِيلًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مُطْلَقًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ الْبَيْعِ وَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مُطْلَقًا بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ تَلَفَّظَ بِهَا الْمُوَكِّلُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ عَلَى مَا يُرِيدُ وَإِنْ خَالَفَ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ لِأَيِّ بَلَدِ التَّوْكِيلِ وَالْمُرَادُ بِنَقْدِهَا مَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِيهَا، وَلَوْ عَرَضًا. نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَرَضُ التِّجَارَةَ جَازَ بِغَيْرِ نَقْدِهَا مِمَّا يُتَوَقَّعُ فِيهِ رِبْحٌ، وَمِثْلُهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَلَوْ سَافَرَ بِهِ بِلَا إذْنٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَبِيعَ بِنَقْدِ بَلَدٍ، كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا فَبَاعَ فِي غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِغَبْنٍ إلَخْ) وَلَا بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَثَمَّ رَاغِبٌ بِأَكْثَرَ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَهُ، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ انْفَسَخَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَالِبًا) أَيْ فِي عُرْفِ بَلَدِ الْبَيْعِ وَلَا نَظَرَ لِلْمِثَالِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لِمَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (قِيمَتُهُ إلَخْ) أَيْ يَوْمَ التَّسْلِيمِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْمُتَقَوِّمِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ لَا قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ الْوَكِيلُ لِلْحَيْلُولَةِ فَهُوَ الْقِيمَةُ، وَلَوْ فِي الْمِثْلِيِّ وَمَا يَغْرَمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِلْفَيْصُولَةِ، وَهُوَ الْبَذْلُ الشَّرْعِيُّ وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ غَرِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ، وَلَوْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ فِيهِمَا فَإِذَا رَدَّ رَجَعَ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ بِهَا، وَالْمَغْرُومُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إمَّا مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي لَا قِيمَتَانِ مِنْهُمَا، كَمَا تُوُهِّمَ فَافْهَمْ، وَعَلَى مَا ذُكِرَ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ. نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَغْرَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ الْقِيمَةِ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَ فِيهِمَا) وَلَهُ الْبَيْعُ بِهِمَا أَيْضًا وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ نَقْدَ الْبَلَدِ لَمْ يَبِعْ بِهِ الْوَكِيلُ، وَإِنْ كَانَ عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَا يَبِيعُ بِالْحَادِثِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (بِمَا قَالَ إلَخْ) أَفَادَ بِزِيَادَةِ الْمُوَحَّدَةِ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ إلَى شَهْرٍ، هُوَ الْمَأْذُونُ فِيهِ بِالْبَيْعِ إلَى شَهْرَيْنِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ قَطْعًا، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ مَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا، وَهُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الْبَيْعُ) مَا لَمْ يَكُنْ نَهَاهُ عَنْ النَّقْصِ، وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بِنَحْوِ مُؤْنَةِ حِفْظٍ أَوْ خَوْفِ نَهْبٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِي لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُتَعَارَفِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ يُؤَجَّلُ بِسَنَةٍ فَقَطْ، وَقِيلَ بِمَا شَاءَ وَانْظُرْ لِمَ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (رَاعَى الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ) وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ حَيْثُ بَاعَ نَسِيئَةً وَكَوْنُ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا أَمِينًا فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ: (بِكَمْ شِئْت إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كَمْ لِلْأَعْدَادِ وَمَا لِلْأَجْنَاسِ وَكَيْفَ لِلْأَحْوَالِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ نَحْوِيًّا أَوْ لَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ جَازَ الْبَيْعُ بِالْأُمُورِ
[حاشية عميرة]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute