قال أبو ميسرة: مر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي جهل وأصحابه فقالوا: يا محمد إنا والله لا نكذبك، وإنك عندنا صادق، ولكن نكذب ما جئت به.
فنزلت هذه الآية.
وقوله:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ}[الأنعام: ٣٣] قال ابن عباس، وقتادة، والسدي، ومقاتل: هذا في المعاندين الذين عرفوا صدق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه غير كاذب فيما يقول، ولكنهم عاندوا وجحدوا، فأنزل الله تعالى فيهم:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ}[الأنعام: ٣٣] في العلانية إنك كذاب مفتر، {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ}[الأنعام: ٣٣] في السر يعلمون أنك صادق، وقد عرفوا صدقك فيما مضى، {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام: ٣٣] بالقرآن بعد المعرفة.
وقال قتادة: يعلمون أنك رسول الله ولكن يجحدون، كقوله:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل: ١٤] وقرأ الكسائي لا يكذبوك مخففا، واحتج بأن العرب تقول: كذبت الرجل.
إذا نسبته إلى الكذب وإلى صنعة الأباطيل من القول، وأكذبته إذا أخبرت أن الذي تحدث به كذب ليس هو الصانع له.