١١أن لاتطلب الهداية إلا من الله لقوله:"فَاستَهدُونِي أَهدِكُم".
ولكن الهداية نوعان: هداية التوفيق وهذه لاتطلب إلا من الله، إذ لايستطيع أحد أن يهديك هداية التوفيق إلا الله عزّ وجل. وهداية الدلالة: وهذه تصحّ أن تطلبها من غير الله ممن عنده علم بأن تقول: يافلان أفتني في كذا، أي اهدني إلى الحق فيه.
هل نقول إن قوله:"فَاستَهدُونِي" يدل على أن المراد هداية التوفيق، أو نقول إنه يشمل الهدايتين، وهداية الدلالة تكون باتباع الوسائل التي جعلها الله عزّ وجل سبباً للعلم؟
الجواب: الثاني، أي العموم.
. ١٢أن العباد في الأصل جياع، لأنهم لايملكون أن يخلقوا ما تحيى به الأجساد كما في سورة الواقعة:(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ*بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ*أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُون* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ)(الواقعة: ٦٣-٧١) فالأصل أن الإنسان قاصر جائع إلا من أطعمه الله، ويتفرع على هذه الفائدة قوله:"فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ" أي اسألوني الطعام أطعمكم، وعليه فلا تلجأ في طلب الرزق إلا من الله عزّ وجل.
. ١٣وقوله:"اسْتَطْعِمُونِي" يشمل سؤال الله عزّ وجل الطعام، ويشمل السعي في الرزق وابتغاء فضل الله عزّ وجل كما قال تعالى في سورة الجمعة:(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الجمعة: ١٠)
وقال تعالى:(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)(الملك: ١٥) وإلا فمن المعلوم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا درهماً ولا خبزاً، بل لابد من السعي.