للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: {فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً} إِذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ، وَأَرَادَ اسْتِبْدَالَ غَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} إِذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا١ فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ.

وَقَدْ ذَكَرَ السُّدِّيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَسْخًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: قَوْلُهُ {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً} منسوخ بالاستثناء وهوقوله: {إِلاّ أَنْ يَخَافَا} ٢.

قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ أَرْذَلِ الأَقْوَالِ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا شَمَلَهُ اللَّفْظُ وَلَيْسَ بِنَسْخٍ٣.

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلاثِينَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} ٤.


١ أخرجه الطبري هذا الوجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما في جامع البيان٢/ ٢٨٨.
٢ ذكر ابن حزم الأنصاري في ناسخه ٣٢٥، وهبه الله في ناسخه ٢٥ وابن هلال في ناسخه المخطوط (٢٠) أن هذه الآية استثنى بقوله: {إِلاّ أَنْ يَخَافَا}.
٣ قلت: لم يتعرض ابن الجوزي في كتابيه زاد المسير ومختصر عمدة الراسخ لدعوى النسخ أصلاً. وأما أبوجعفر النحاس فيقول بعد إيراد كلام عقبة بن أبي الصهباء السابق، (قال أبوجعفر: وهذا قول شاذ خارج عن الإجماع وليس إحدى الآيتين رافعة للأخرى ... ).
وأما مكي بن أبي طالب، فأورد النسخ هنا، عن أبي عبيد وغيره، ثم اختار الإحكام.
انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ٦٨؛ والإيضاح ١٥٠.
٤ الآية (٢٣٣) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>