هُمْ فَهُوَ مُسْلِمٌ.
قِيلَ لَهُ: فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْأُمِّ بِقَلِيلٍ؟
قَالَ: يَدْفِنُهُ الْمُسْلِمُونَ.
وَهَذَا تَقْيِيدٌ مُطْلَقٌ أَجْوِبَتُهُ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ كَفَلَهُ أَهْلُ دِينِهِ.
وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ، وَهُوَ وَسَطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَابِلَيْنِ، وَبِهِ يَجْتَمِعُ شَمْلُ الْأَدِلَّةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِبَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ قَالُوا: لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ عُمِلَ فِي الْإِسْلَامِ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: يَصِيرُ أَطْفَالُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُسْلِمِينَ بِمَوْتِ آبَائِهِمْ، مَعَ الْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الْأَيْتَامُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ إِلَى وَقْتِنَا، وَهُمْ يَرَوْنَ أَيْتَامَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُشَاهِدُونَهُمْ عَيْنًا، وَيَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عِنْدَهُمْ لَمَا سَاغَ لَهُمْ إِقْرَارُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَأَلَّا يَحُولُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ.
قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ حُكْمَ أَوْلَادِهِمْ لَكَانَ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ، وَكَانَ ذِكْرُهُ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ آكَدَ وَأَوْلَى مِنْ تَغْيِيرِ لِبَاسِهِمْ، وَهَيْئَةِ رُكُوبِهِمْ، وَخَفْضِ أَصْوَاتِهِمْ بِكَنَائِسِهِمْ، وَبِالنَّاقُوسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ بَقَاءِ أَطْفَالِهِمْ كُفَّارًا، وَقَدْ صَارُوا مُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْآبَاءِ؟ قَالُوا: وَهَذَا يَقْرُبُ مِنَ الْقَطْعِ.
وَالَّذِينَ حَكَمُوا بِإِسْلَامِهِمْ قَالُوا: مِنَ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَجْعَلَ مَنْ فَطَرَهُ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute