(وَ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ (الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ) لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِي الْعِبَارَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ أَوْ مَجْنُونًا كَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا.
لَا تُفْضِي إلَيْهَا فِي التَّوْكِيلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ لَازِمٍ، بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ لِلُزُومِهَا، ثُمَّ إذَا صَحَّ التَّوْكِيلُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الثُّمُنَ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ كَانَ بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِنَا فِي شِرَاءِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيُّهُمَا شَاءَ يَصِحُّ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ الْهِدَايَةِ. وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ يَمْلِكُهُ. ثُمَّ قِيلَ: هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمٌ تَصَرُّفًا وَهُوَ الْمِلْكُ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى كَمَا سَنَذْكُرُهُ.
وَقِيلَ بَلْ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا لَا يَمْلِكَانِهِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُمَا وَصَحَّحَ. وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ صِحَّةُ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فَيَمْلِكُ تَمْلِيكَهُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ مِلْكَهُ شَرْطُ جَوَازِ تَمْلِيكِهِ لَا عِلَّتُهُ لِيَلْزَمَ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ فَجَازَ أَنْ لَا يُوجَدَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِفَقْدِ شَرْطٍ آخَرَ كَمَا مَعَ فَقْدِ الْعِلَّةِ
(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ إلَى آخِرِهِ) مَا تَقَدَّمَ شَرْطُ الْوَكَالَةِ فِي الْمُوَكِّلِ وَهَذَا شَرْطُهَا فِي الْوَكِيلِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ، أَيْ يَعْقِلُ مَعْنَاهُ: أَيْ مَا يَلْزَمُ وُجُودُهُ مِنْ أَنَّهُ سَالِبٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ جَالِبٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَسْلُبُ عَنْ الْبَائِعِ مِلْكَ الْمَبِيعِ وَيَجْلِبُ لَهُ مِلْكَ الْبَدَلِ وَفِي الْمُشْتَرِي قَلْبَهُمَا وَيَقْصِدُهُ لِفَائِدَتِهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ احْتِرَازٌ عَنْ الْهَزْلِ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَرَطَ الْوَكَالَةَ أَنْ لَا يَهْزِلَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute